رئيس التحرير
عصام كامل

نكشف كواليس تعيين "الأمير مقرن" وليًا لولي العهد السعودي.. الملك عبد الله حصن جسد الدولة من آفة الصراع على الحكم..الحالة الصحية لجيل القيادة مسار قلق وسط أزمات المنطقة..والرياض تؤكد لـ"أوباما" تماسكها

أوباما والأمير مقرن
أوباما والأمير مقرن

فيما يؤشر على ترتيب البيت السعودي من الداخل في ظل الأزمات المتلاحقة التي تمر بها المنطقة، وتحسبا لتدخلات خارجية قد تؤدي إلى تصدع هرم السلطة، أقدم الملك عبد الله بن عبد العزيز العاهل السعودي على خطوة غير مسبوقة في تاريخ الحكم بالمملكة، وأصدر الديوان الملكي السعودي اليوم، أمرا ملكيا بتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز وليًا لولي العهد الحالي.

وكان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز اقترح الأمير مقرن على هيئة البيعة التي وافق ثلاثة أرباعها على أن يتولى الأمير منصب ولي العهد أو ملك في حال خلو المنصبين.
وجاء في الأمر الملكي "اختيار صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود وليًا لولي العهد، مع استمرار سموه نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء"، وذكر البيان: "يعد اختيارنا وموافقة هيئة البيعة على ذلك نافذًا اعتبارًا من صدور هذا الأمر، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تعديله، أو تبديله، بأي صورة كانت من أي شخص كائنًا من كان".
ونظام هيئة البيعة أسسه الملك السعودي الحالي عبد الله بن عبد العزيز ووضعه كضمانة دستورية لمصلحة استقرار الحكم والدولة.
والأمير مقرن أصغر إخوة الملك عبد الله وشغل في السابق منصب رئيس المخابرات وتلقى في شبابه تدريبا في بريطانيا على قيادة الطائرات المقاتلة ويشغل حاليا منصب النائب الثاني لرئيس الوزراء، وهو منصب جرت العادة بشكل غير رسمي على اعتبار من يشغله المرشح التالي للصعود إلى موقع ولاية العهد.
ولد الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود ( 15 سبتمبر 1945) النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، مستشار الملك ومبعوثه الخاص. هو الابن الخامس والثلاثين من أبناء الملك عبد العزيز الذكور، وليس له إخوة أشقاء.
تلقى تعليمه الأولى في معهد العاصمة النموذجي، وبعد تخرجه عام 1964 التحق بالقوات الجوية الملكية السعودية، وأكمل دراسته في علوم الطيران في المملكة المتحدة وتخرج منها عام 1968، وظل يعمل في القوات الجوية الملكية السعودية حتى عام 1980.
وفي 18 مارس 1980، عُين أميرًا لمنطقة حائل، وظل بهذا المنصب حتى 29 نوفمبر 1999، عندما عُين أميرًا لمنطقة المدينة المنورة.
وفي 22 أكتوبر 2005 عُين الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيسًا للاستخبارات العامة، خلفًا لأخيه الأمير نواف، وظل في المنصب حتى
19 يوليو 2012 عندما عُين مستشارًا للملك ومبعوثًا خاصًا له.
وفي 1 فبراير 2013 عُين الأمير مقرن بن عبد العزيز نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء.
وحول هذا الإجراء غير المسبوق قال المحلل السياسي اللبنانى والخبير في الملف السعودي أحمد وجدي في تصريحات خاصة لـ"فيتو" أن الملك عبد الله قام بهذه الخطوة لتحصين المملكة من الاضطرابات المتوقعة، ولحمايته من الدخول في صراع على السلطة حال خلو منصب ولى العهد الأمير سلمان نتيجة لعوامل الزمن الغير مأمونة خاصة في ظل تواتر الأنباء عن تدهور الحالة الصحية لولى العهد.

ومن جانبه، قال الكاتب الصحافي مشاري الذايدي، في مداخلة مع قناة "العربية"، إن هذا القرار يحسب للدولة السعودية في المقام الأول وللملك عبد الله بن عبد العزيز في المقام الثاني ولأسرة الحكم السعودي في المقام الثالث.
وأضاف: "هذا القرار هو امتداد لمنهج الملك عبد الله تحديدًا ومنهج بيت الحكم السعودي في تقديم مصلحة الحكم وتقديم مصلحة الدولة على أي اعتبار آخر... نحن نعلم أن الملك عبد الله بن عبد العزيز هو الذي أصدر نظام البيعة وهو الذي وضعها كضمانة دستورية لمثل هذه الحالات وكذلك حالات أخرى مستقبلية".
وأكد الذايدي أنه يجب أن نتذكر أن الملك عبدالله هو الذي أصدر نظام هيئة البيعة وهو الذي فعّل هذا النظام من خلال عرض اسم الأمير مقرن على أعضاء هيئة البيعة، وقد حصل على موافقة ثلاثة أرباع الهيئة، وهذا بحد ذاته يعتبر مؤشرًا على الشفافية، لأنه بطبيعة الحال هناك اختلاف في وجهات النظر.
وقال دبلوماسى مصري سابق تحفظ على ذكر اسمه لـ"فيتو"، الممكلة العربية السعودية تعانى هذه الأيام من حالة ليست لها مثيل في تاريخها، نتيجة الخلافات الإقليمية التي نشبت مؤخرا خاصة مع قطر، علاوة على صراعها الواضح مع الجانب الأمريكى على خلفية التقارب الحادث بين طهران وواشنطن.
وأضاف هذه الخلافات الخارجية دفعت الرياض لتحصين البيت من الداخل تحسبا لوقوع صراع داخل أجنحة العائلة الحاكمة وخاصة مع الجيل الثالث، حال وفاة الملك أو لى العهد الحالى، وهو الأمر الذي يعنى حدوثه تهديد الممكلة وسقوط حكم العائلة.
واعتبر أن الأمير مقرن ومقرن يقع وسطا بين الجيل الثانى والثالث، بالإضافة لعلاقاته الممتدة في آسيا وأوربا بشكل جيد، فيمكن أن يساعد السعودية على الانتقال الهادىء للحكم بالسعودية بدلا من التفتت والدخول في مرحلة الصراع على السلطة.
ولفت إلى أن القرار استبق زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، لإرسال رسالة قوية لواشنطن مفادها، تماسك هرم السلطة، وسد المسام المفتحة على خلفية الحالة الصحية للملك وولى العهد مؤخرا والتي اتضحت خلال إلقاء كلمته بالقمة العربية منتصف الأسبوع بالكويت.
بالرغم من جميع التحليلات لطبيعة القرار سواء حمل في باطنه اسرار أو جاء تماشبا مع تقاليد ملكية مستحدثة، يجب الاعتراف بأن القرار الملكى قدم مصلحة الوطن على الأفراد خاصة أن تصدع الرياض سوف يجر وبال الأمور على الخليج لما للعاصمة السعودية من مكانة تمثل حجر الزاوية في تحريك السياسة الخليجية.
الجريدة الرسمية