الخطر الحقيقى
الخطر الحقيقي الذي يواجه المجتمعات ليس الإرهاب أو الأمية أو المرض أو الفقر فقط، وإنما هناك أخطار أخرى تنتشر كالسرطان وتحول المجتمع المسالم الهادئ إلى مجتمع ذئاب يفكر بغرائزه، ما أقصده هو ظاهرة التحرش الجنسي التي أصبحت موجودة بقوة خلال الفترة الأخيرة ومع مرور الأيام أصبح نطاقها يتسع وينتقل من مدينة إلى أخرى ومن المراكز إلى القرى، ولم تعد هذه الظاهرة مرتبطة بمناسبة معينة مثل الأعياد والتجمعات الكبرى بل أصبحت ظاهرة يومية وموجودة بكل شارع سواء كان منطقة شعبية أو حيا راقيا، كما انتقلت هذه الظاهرة "الفجة" إلى عدد من مؤسسات الدولة التي يوجد بها عدد كبير من العاملين والمترددين عليها، وبما أن هذه الظاهرة تمكنت من المجتمع وأصبحت في النادي والجامعة والمدرسة والشارع والحارة والقرية فقد باتت مواجهتها أمرا ضروريا ولا يقل أهمية عن مواجهة التطرف والتساهل في مواجهتها لا يقل خيانة عن عدم التصدى للإرهاب.
البعض ينظر لهذه الظاهرة باستخفاف شديد وكأنها تحدث في بلد آخر فقد أصبحت صناعة محلية برعنا فيها وأصبح يضرب بنا المثل في جودة المنتج وأصبحت الصناعة في تطور مستمر، وأصبحت مصر يضرب بها المثل في التحرش بأكثر من ضحية في الوقت نفسه، كما أننا أصبحنا نتميز بابتكار أنواع كثيرة من التحرش منها الجماعى والفردى وفوق السن وتحت السن ومدارس مختلفة لكل منها أسلوبها الفريد.. وهذه ظواهر لم يعلن عنها في أي بلد آخر، وبسبب هذا أصبح التحذير من التحرش يسبق التحذير من العمليات الإرهابية.
فقد أصبحت مصر حديث الصحف البريطانية بعد واقعة التحرش بالسائحة الإنجليزية واغتصابها داخل غرفتها بأحد الفنادق ورغم نفى زاهية زهراء رئيس لجنة الموارد البشرية بمحافظة جنوب سيناء صحة الواقعة بعد التحقيق الذي تم بحضور القنصل الإنجليزى إلا أن هذا لا يقلل من الخطر الذي يدق الأبواب بسبب انتشار هذه الظاهرة وتعامل الأسرة والمجتمع والحكومة ببلاهة المراهقين مع التحرش الجنسي.. فهذه مسئولية مشتركة من الجميع، ومن الواجب على حكومة محلب أن تجعل مواجهتها في مقدمة اهتماماتها ومحاربتها على رأس أولوياتها ومحاربتها تتصدر أجندتها.
فإهمال هذه الظاهرة سيقضى على أي جهد يتم بذله في استقرار الاقتصاد وعودة السياحة، لقد أصبحت وقائع التحرش عنونا ثابتا في وسائل الإعلام دون اهتمام واضح من الأزهر ودون اعتذار صريح من وزير التربية والتعليم العالى على واقعة جامعة القاهرة، وتعاملنا مع الوقائع باستخفاف وكان الرد جاهزا "أصل السائحة كانت سكرانة" و"أصل الطالبة كانت لابسة محذق حبتين " وهل أصبح واجبا اغتصاب كل سكرانة والتحرش بكل من يرتدى المحذق؟ فهذه الظاهرة لا تقل خطورة عن الإرهاب وعنف الجامعات.