رئيس التحرير
عصام كامل

الأيام الصعبة قادمة


الأيام الصعبة لم تبدأ بعد.

ومهما كانت نتيجة الاستفتاء على الدستور المعيب فإن الأيام المقبلة ستكون صعبة للغاية وسنعانى منها جميعا معاناة بالغة رجالا ونساءً وأطفالا، أغنياءً وفقراءً، مرورا بمحدودى الدخل ــ ونحن منهم.

وستصدر
قرارات أصعب كثيرا من القرار رقم مائة واثنين الذى صدر هذا العام بتعديل أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات. وستزيد الضريبة على بعض السلع بنسبة خمسين فى المائة بالاضافة الى تعديل قانون ضريبة الدمغة، وفرض ضريبة نسبية على أرصدة التسهيلات الائتمانية والقروض والسلف، وأي صورة من صور التمويل التي تقدمها البنوك. وسيستمر هبوط الجنيه المصرى الذى بدأ رحلة الهبوط بما يزيد علي قرشين بالنسبة للدولار وثلاثة قروش بالنسبة للاسترلينى وستة قروش بالنسبة لليورو. وقبل أن أنتهى من كتابة هذه السطور ستكون عملتنا المصرية قد هبطت لأكثر من ذلك.
وقبل
أن تنتهى أنت من قراءة هذه السطور سيكون العجز فى الموازنة قد زاد كما سيكون الاحتياطى النقدى قد واصل تآكله. والرقم المتوافر لدينا عن الاحتياطات النقدية بالبنك المركزي المصري قد تراجع الى أقل من خمسة عشر مليار جنيه، وهو ما لا يكفى لاستيراد احتياجاتنا الضرورية لخمسة أشهر. وعلى الرغم من النزيف الحاد في قيمة الاحتياطي، فإن محافظ البنك المركزي لم يبين لنا أين ذهبت أموال الاحتياطي وفي أي الأغراض تم إنفاقها؟

ولم يعد أمام الذين يتحملون مسئولية الحكم ــ الى حين ــ سوى تصعيد القرارات التى أجل رئيس الجمهورية تطبيقها الى ما بعد التصويت على مشروع الدستور. وستكون القرارات الجديدة بزيادة الأسعار أكثر قسوة من القرارات التى سبق صدورها وتأجيلها.

وسترتفع أسعار الطاقة بكل أنواعها، ومنها أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلى وغير المنزلى. وسترتفع أيضا أسعار كل السلع بدون استثناء وستكون الزيادة كبيرة بالنسبة للسلع التى لا يعتبرونها ضرورية مثل السجائر والمعسل، فى حين سترتفع سائر السلع الضرورية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

وستتراجع القدرة على توفير هذه السلع حتى بعد ارتفاع أسعارها، وسنرى الطوابير أمام محطات البنزين وأمام نقط توزيع البوتاجاز، وربما أيضا أمام أماكن بيع المواد الغذائية الضرورية وغير الضرورية على السواء.

وأصعب ما سيكون خلال الأيام الصعبة المقبلة هو وجود ثمن السلعة مع من يحتاجها دون أن يجد هذه السلعة، ومنها وقود السيارة وأنبوبة البوتاجاز وبعض المواد الغذائية.

ولن تكون هناك حلول حتى بعد أن يلجأوا الى تعميم نظام البطاقات وطوابع الشراء التى لم تعرفها مصر منذ الحرب العالمية الثانية عندما كان المواطن يشترى الكيروسين بطوابع تحدد ما هو سموح له باستهلاكه، ويشترى الصابون والشاى والسكر بالبطاقة، وهو ما بشرونا به عندما أعلنوا عن مشروع تعميم بطاقات وطوابع لشراء الوقود وبعض السلع الأخرى.

والجديد فى هذا الشأن هو استخدام الوسائل الالكترونية فى هذه البطاقات وفى طوابع الشراء واستخدام الكروت الالكترونية لتنظيم عمليات توزيع السلع إذا ما كانت متوافرة، فى حين لن تنجح كل الوسائل ــ الالكترونية وغير الالكترونية ــ فى توفير الضروريات فى ظل تآكل الاحتياطى النقدى وتراجع قيمة الجنيه المصرى بصورة لم تعرفها عملتنا على مدى ثلاثين عاما، أو تزيد.

ونسأل الله السلامة والعافية..

الجريدة الرسمية