رئيس التحرير
عصام كامل

النص الكامل لكلمة أمير الكويت أمام القمة العربية.. الإرهاب يستهدف استقرار العالم.. الكارثة الإنسانية السورية في عامها الرابع.. السلام ضرورة حتمية.. ولا بديل عن دعم القضية الفلسطينية

 الشيخ صباح الأحمد
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت

الإرهاب يستهدف استقرار العالم.. الكارثة الإنسانية السورية في عامها الرابع.. السلام ضرورة حتمية.. ولا بديل عن دعم القضية الفلسطينية، تلك كانت أهم محاور كلمة أمير الكويت أمام القمة العربية المنعقدة اليوم بالكويت.


وقال الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت في الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة:" تَنْعقِدُ أَعمالُ قِمَّتِنا هذهِ في ظِلِ استمرار الظُروفِ الدَّقيقةِ والصَّعْبةِ الَّتي يَمُرُ بِها العالمُ ومَنْطِقتِنا، وما تُمَثِلُهُ مِنْ تزايُدٍ فِي التَّحَدِياتِ والمَخاطِرِ الَّتي نُواجِهُها، مِما يَفْرُضُ عَلينا مَسؤُولِياتٍ جِسامٍ فِي بَذْلِ مَزِيدٍ مِنْ الجُهْدِ وتكْثِيفِ المُشاوراتِ لِمُراجَعةِ وتَقييمِ ما تَمَّ اتخاذه مِنْ إَجراءاتٍ واستشراف لآفاقِ المُسْتقبَل لِتحديدِ مَساراتٍ تُضْمِنُ لَنا النُهُوضَ بِعملِنا العَربِّي المُشترَك، والارتقاء بِهِ إلى مُسْتَوى الطُمُوح، وبِما يُحَقِقُ آَمالَ وتَطَلُعاتِ شُعوبِنا في الأمنِ والرَّخاءِ والازدهار".

وأضاف:" إَننا مَدْعُونَ اليَومَ إِلى البَحثِ فِي الأُسُسِ الَّتي يَنْطَلِقُ مِنْها عَملُنا العَربي المُشْتركِ، وإِيجادِ السُبُلِ الكَفيلَةِ بِتعزيزهِ وتَوطِيدِ دَعائِمهِ مِنْ خِلالِ النَأْيِّ بِهِ عَنْ أَجواءِ الخِلافِ والاختلاف، والتَّرْكيزِ عَلى عَوامِلِ الجَّمْعِ في هَذا العَمل".

وأشار الصباح أنه في تجربة القِمَمِ النَوْعِية، مَا تَحَقَّقَ لَها مِنْ نَجاحٍ مِثالًا يُدَلِلُ بِوضُوحٍ على سَلامةِ هذا النَّهْج، حَيثُ أَنَّ مَا حَقَّقَتهُ القِممُ الاقتصادية العَربيةُ مِنْ نَجاحٍ كَبيرٍ لاَمسَتْ نَتائِجُهُ احتياجات أَبْناءِ أُمَّتِنا وَعَمَلتْ عَلى تَحْقيقَها، يُؤَكِّدُ سَلامَةَ تَوَجُهِنا ودِقَّةَ رُؤيَتِنا وصَوابَ تَفْكيرِنا، الأَمْرُ الَّذي يَجَعلُنا نَبْحثُ عنْ آَفاقٍ أُخْري جامِعةٍ تُعزِّزُ وِحدَتنا وتُقرِّبُ بينِ شُعوبِنا.

وفي إشارته للخلاف العربي العربي قال:"دعُوني أَتحدَّثُ إِليكُمْ بِصراحَةٍ حوْلَ أَمْرٍ مُحْزنٍ يَحتاجُ مِنا إلى وَقْفةٍ صادِقةٍ وجُهْدٍ مُخلِصِ لإِنهائِه، أَلا وهوَ الخِلافاتُ الَّتي اتسع نِطاقُها في أُمَّتِنا العربية، وباتَتْ تَعْصِفُ بِوجُودِنا وقِيمِنا وآمالِنا وتَطَلُعاتِنا، إِنشَغلنا مَعها على حِسابِ تَماسِكُنا وقُدْرتُنا على مُواجَهةِ التحديات".

وأكد الأمير على أننا مُطالبُونَ في نَبْذِ هَذه الخِلافات، والسَّعيِ الجادِ لِوحدةِ الصَّفِ وتوحيدِ الكلِمة، والعَملِ معًا في إِطارِ ما يَجمعُنا ويَتجاوزُ التَّباعُدَ بينِنا، فالأخْطارُ كَبيرةٌ مِنْ حولِنا، ولنْ نَتمَكنَ مِنْ الانطلاق بِعمِلنا الْعربِّي المُشتركِ إلى المُستوى الطَمُوحِ دُونَ وِحدَتَنا ونَبْذِ خِلافاتِنا.


ولفت إلى أن "مَساحةَ الاتفاقِ بيننا أَكبرُ مِنْ مَساحةِ الإختلافِ، وعلينا أَن نَستثمرَ هذه المساحةِ من الإتفاقِ وأَن نَعملَ في إطارها الواسعِ لنرسُمَ لنا فَضاءً عَربيًا حافِلًا بالأملِ والإنجاز حتى نُحقِقَ الإنطلاقةَ المنشودةَ ونكونَ قادرين على المُضي قُدمًا بعملِنا العربي المشترك، فالدورانُ في فَلكِ الإختلافِ الضَيقِ سيُرهِقنا ويُبدِد وقَتنا ويُؤخرنا عَنْ اللحاقِ بآمالِنا".

وأكد على:"أِننا نُدْرِكُ أَنْ عَملَنا العَربِّي المُشْتركِ لا يُمْكنُ لهُ أنْ يَسْتقيمَ دُون أنْ نُحقِقُ مُعدَّلاتِ التنميةِ المُستدامةِ الَّتي نِنْشُدُها لِشُعوبِنا، والَّتـي تُواجِهُ تَحدِياتٍ جَمّة لَعلَّ في مُقدِمَتَها ما سَيشْهَدَهُ العالمُ مـِنْ شِحٍ في المِياه، الأمرُ الَّـذي يَجعلَنا مُطالَبينَ بِبَحثِ دِراسةِ ومَصادرِ توفيرِ هذا العُنْصرِ الهَام، وتعزِيزِها بِما يُضْمنُ استمرارِ تَدفُقِها، وإِبعادِ شَبحِ الصِّراعِ والتَّوتُرِ عَنْ عالَمِنا والَّذي تُوحي بِهِ ولِلأسفِ مُؤشراتٌ عديدة".

الإرهاب يستهدف استقرار العالم

وفيما يخص ملف الإرهاب قال:"نُعاني جَميعًا مِنْ ظاهِرةِ الإِرْهابِ الَّتي تصاعَدتْ مُؤخرًا تَحتَ ذَرائِعَ وشِعاراتٍ مُخْتلِفةٍ دِينيةٍ وعقائِدية، تَهْدفُ إلى قَتْلِ الأرواحِ البَريئَةِ وتَرويعِ الآَمِنينَ وتَعطيلِ التَّنمية، والمُستهدَفُ هُو أَمنَ العالمِ وإستقرارهِ والبَشريةِ كَيانًا ومُكتسبات".
وأكد على أِننا مُطالبُون بِمُضاعفةِ جُهودِنا، والانضمام إلى رَكْبِ الجُهودِ الدَّوليةِ الرَّاميةِ لِوأْدِ هذهِ الظَّاهرةِ الخَطيرةِ مَهْما كانَ شَكْلُها أو هَدفُها أو مَصَدرُها، وتَخليصِ البَشريةِ مِنْ شُرورِها، لِينْعمَ العالمُ بَالأمْنِ والاستقرار.

الكارثة الإنسانية السورية في عامها الرابع

وفيما يخص الوضع السوري قال الأمير الكويتي في افتتاح أعمال القمة:" تَدْخُلُ الكارثةُ الإنسانيةُ في سُوريا عامَها الرَّابع، حاصِدةً عَشراتِ الآلافِ مِنْ الضحايا الأبْرياءِ مِنْ الأشِّقاء، مُدَّمرةً كافةَ مَظاهرِ الحياة، مُهَجَّـرةً ما يُقـاربُ نِصـفَ تِعدادِ سُكانِ سُوريا في ظُروفٍ مَعيشيةٍ قاسية، في كارثةٍ هِي الأَكبرُ في تاريخِنا المُعاصر".

وأشار الأمير إلى التقريرِ الأخيرِ الَّذي أطْلقَتْهُ مُنظمةُ الأُممِ المُتحدةِ لِلطُفولةِ "اليُونيسيف" والَّذي أكَّدَ أنْ الكارثةَ في سُوريا قَدْ تَسبَبَت في ضَياعِ جِيلٍ كاملٍ، إذْ أنْ خَمسةَ ملايينَ وخمْسُمائةَ ألفِ طِفلٍ سُوريٍ يَعيشونَ في مَهبِّ الرِيح، وأنْ ثَلاثةَ ملايينَ طِفلٍ هَجرُوا مَدارِسهِم، وأنْ مُعدلَ الضحايا مِنْ الأطفالِ هُو الأعْلى بينَ أي نِزاعٍ في وَقْتِنا الحاضر".

وشدد الأمير على أِننا أَمامَ واقعٍ أليمٍ وكارثةٍ إنسانيةٍ وأخْلاقيةٍ وقانونيةٍ لنْ تُجدي معها عِباراتُ التنْديد، ولنْ تنْهيها كَلماتُ الألمِ والحسرة، فَالخطرُ مُحْدِقٌ والخَسائِرُ جَسيمةٌ ويَخْطُأُ منْ يَعْتقِدُ أنهُ بَعيدٌ عَنْ آثارَها المُدمِّرة، والأيامُ أَثبتتْ بِأنْ خَطرَ هذا النِزاعِ المُدَمِّرِ قدْ تَجاوزَ الحُدودَ السُوريةِ والإَقليميةَ لِيُهدِّدَ الأمنَ والاستقرار في العالم، وأمامَ هذا الواقعِ المَريرِ نُكرِّرُ الدَّعوةَ إلى مَجْلسِ الأمْنِ الدُّولي لِيُعيدَ لَلعالَمِ مِصْداقِيتهِ بإِعِتبارهِ الجِهةِ المُناطِ بِها حِفظِ السَّلمِ والأمْنِ الدُوليين، وأنْ يَسْمُوا أعضاؤُهُ فَوْقََ خِلافاتِهمْ لِيتمكَّنوا منْ الوُصولِ إلى وَضعِ حَدٍ لِهذهِ الكارِثة.

وأضاف:" إَننا نَشْعُرُ بِمأساةِ أشِّقائَنا ونَعمَلُ جاهدينَ على التَّخفيفَ منْ وطْأتِها، إذْ إستجابتْ بِلادي الكُويتَ مَرةً ثانيةً لِنداءِ الأمينِ العامِ لِلأُممِ المُتَّحدة، فاسْتضافَتْ المُؤتَمرَ الدَّوْلِي الثاني لِدعمِ الوَضعِ الإَنسانِي في سُوريا، وقدْ تَمكَّنا بِفضْلٍ منْ اللهِ تَعالى ثُمَّ بِمُشارَكَتِكُم ومُشارَكةِ الدُولِ الصَّدِيقةِ الفَاعِلـة، والسَّخاءِ المَعهودِ في الوُصولِ إلى الهدفِ الَّذي منْ أجْلهِ عُقِـدَ المُؤتمر، لِنُساهمَ في التَّخفيفِ منْ مُعاناةِ أشِقائِنا ونُؤَكِّدُ لَهمُ وُقُوفِنـا إلى جانِبِهم، وقدْ تمَّ تحويلِ كاملِ تَعهُداتِنا خِلالَ المُؤتمرِ إلى الوَكالاتِ والمُنظماتِ التابِعةِ لِلأُممِ المُتحدة، لِتُباشرَ بِدورِها الاستفادة منْ تِلكَ المَبالغِ في تَوفِيرِ مُتطَلباتِ أشِّقائَنا.

القضية الفلسطينية

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية قال:"لازالتِ العَقليةُ الإسرائيليةُ الرَّافِضةُ لِلسلامِ والمُقَوِضَةُ لِكافةِ الجُهودِ التي تُبْذَلُ لإِنجاحِ مَسيرتِه، تِقِفُ عائِقًا أمامَ تَحقيقِ أهدافِ هذهِ المَسيرةِ الَّتي نَتِطلعُ إليها وذلكَ عَبْرَ إِصرارَها على بِناءِ المُستوْطَناتِ والإِنتِهاكاتِ المُتطَرِّفةِ الهادفةِ إلى السَّيطرةِ على المَسْجدِ الأَقْصى وتَغْييرِ مَعالِمهِ".

وشدد على أِننا لنْ نَنْعمَ بالاستقرار وبِالسَّلامِ ما لمْ تَتخلَّى إسرائيلُ عَنْ نَزْعتَها العُدوانيةِ وتَجْنحْ إلى السِلْم، معتبرا أن إنَّ السلامَ العادلَ والشامِلَ في المَنْطقةِ الَّذي نَتَطلَّعُ إليهِ جميعًا لنْ يَتَحققَ إلا منْ خِلالِ قِيامِ الدوْلةِ الفَلسْطينيةِ المُستقلةِ وعاصِمَتِها القُدسُ الشَّريف، وُفْقَ مبادِئِ وقَراراتِ الشَّرعِيةِ الدُولية، ومَبْدأِ الأرْضِ مُقابِلَ السلام، ومُبادرَةِ السَّلامِ العربية.

وجدد الصباح دَّعوةَ الأطْرافِ الدُوليةِ المَعْنيةِ بِعمليةِ السَّلامِ فـي الشَّرقِ الأوْسطِ لِتَحَّمُلِِ مَسؤُولِياتِها، والضَّغْطِ علـى إَسرائيلِ لِحَمْلِها علـى الإنْصياعِ لِكافةِ قَـراراتِ الشَّرْعيةِ الدُّولِيةِ وَوَقْفِ الإسْتيطان، مُشيدِينَ في هذا الصَّددِ بِجُهدِ الوُلاياتِ المُتَّحدةِ الأمْريكيةِ ودَوْرِها بإسْتِئْنافِ التَّفاوُضِ لِعمليةِ السَّلامِ في الشَّرْقِ الأوْسط.

وجدد الدَّعوةِ إلى الأصدقاءِ في إيرانَ إلى مُواصَلةِ تَنْفيذِ التَعهُداتِ الواردةِ في الإتَّفاقِ المبْدئِّي الذي وُقِّعْ، والَّذي تَضْمَّنُ خِطةُ العَملِ المُشتَركِ التي وَقَّعتْها مَجمُوعةِ 1+5 ( خمسة زائد واحد ) وإيرانَ في 24 نوفمبر 2013 بإشرافِ الوَكالةِ الدُولِيةِ لِلطاقةِ الذَّرِية، وذلكَ لِتبدِيدِ القَلقِ لَدى دُوَلِ المَنْطقـةِ بِشـأْنِ بِرنامَجِهـا النَّوَوِي، وبِما يُعزِزُ ثِقَةَ المُجْتمعِ الدُولي، ويَبْعِدُ كافةَ مَظاهرِ التَّوتُرِ عنْ مَنْطقتِنا، لِنِنْعَمَ بالإستقرارِ ونُركِزَ جُهودَنا في تَحقيقِ تَطلعاتِ شُعوبِنا.

وقدم الأمير التهنئة إلى اليمن لما حَقَّقَهُ مُؤْتمرُ الحِوارِ الوَّطنِي منْ توافُقٍ وطنيٍ يُعدُ خُطوةً ضَروريةً في هذهٍ المَرْحلةِ الدَّقيقة، سَتُسْهِمُ في تَحقيقِ الأمْنِ والإستقرارِ والإزْدهارِ الَّذي يَأْتي مُنْسجِمًا معَ أهدافِ المُبادرةٍ الخليجيةِ المُجسَّدةِ لِلحِرصِ على وِحْدةِ الجُمهوريةِ اليمنية، وإحترامِ خَياراتِ شَعْبِها الشَّقيق.

كما هنأ مصر على ما تَحَقَّقَ منْ خُطُواتٍ مُهِمةٍ في تِنْفيذِ خارِطَةِ الطَّريقِ بِما يُحَقِّقُ الأمْنَ والإستقرارَ في رُبُوعِ هذا البَلدَ العَزيزِ لِيعوُدَ لِمُمارَسةِ دَوْرهِ الرَّائِدِ تْجاهَ قَضايا أُمتَنا العَربية، مُتمَنينَ لَهُم التَّوفِيقِ والسَّدادِ في تَحْقيقِ تَطلُعاتِ شَعبِهمْ الشَّقيقِ بِالإستقرارِ والإزْدهار.
وقدم التهنئة إلى لُبنانَ على تَشْكيلِ الحُكومةِ اللُبنانيةِ الجَديدةِ والّتي تَأْتي إسْتحقاقًا مُهِمًا في هذهِ الظُروفِ الدَّقِيقة، لِتَتَمَكنُ مِنْ مُمارَسةِ مَهامِها في كُلِّ ما مِنْ شَأْنهِ إستقرارِ لِبنانْ وتَحْقيقِ تَطَلُعاتِ شَعبِهِ الشَّقِيق.

وفيما يخص الوضع التونسي قدم التهنئة لها لإَقْرارِ الدُستُورِ الجَدِيدِ لِيَرْسُمً مَرْحلةً جَديدةً تُجَسِّدُ حِرْصَ الأشَّقاءِ على تَحْقيقِ الإسْتقرار، والتَّمَسُكَ بالدِيمُقراطيةَ والإنْطِلاقِ في العَملِ على إزْدهارِ بَلَدِهم وتنميته.
الجريدة الرسمية