رئيس التحرير
عصام كامل

بالشرع الإخوانى: الحشيش حلال


من سوء حظ عبد الله محمد مرسي أنه سقط في قبضة الشرطة بتهمة تعاطى الحشيش بعد وفاة الشاعر الرائع والعبقرى أحمد فؤاد نجم، باعتباره نقيب الحشاشين في مصر.. ومن سوء حظه أيضا أنه لم ينتخب حتى تاريخه نقيب جديد للسادة الحشاشين، ونظن وبعض ظننا إثم أنه لو كان نجم على قيد الحياة لدافع وبقوة عن ابن الرئيس مرسي إذ لا يليق بنقيب الحشاشين أن يترك عضوا في نقابته هكذا عرضة للاضطهاد.


والمثير أن قناة الجزيرة «كوميدي» قد اتصلت بشقيق المتهم في قضية تعاطى الحشيش وحاولت أن تصور للعامة أن القضية ملفقة، والأكثر إثارة أن الشقيق وهو الأعرف بشقيقه بدا واثقا وهو يدافع عن شقيقه إذ لا يعدو الأمر كونه تلفيقا مريعا من جانب الشرطة المفترية، وقد تطابق طرح الشقيق مع ما قاله لي صديقى الإخوانى عندما سألته عن الأمر غير شامت، فقال لى «هذه عادات العلمانيين والليبراليين، أما نحن فلا نتعاطى هذه المواد»، وأضاف: الإخواني عادة لديه وازع روحى ولديه مدد إلهي وتسامٍ ولا يحتاج للمخدرات حتى يشعر بالسعادة !!

المهم أن تقرير الطب الشرعي أثبت أن نجل الرئيس ابن مزاج، ويقال إن السيجارتين المضبوطتين من النوع الفاخر وأن الحشيشة بداخلهما من النوع الأفخر، وهنا سقط في أيدي الجماعة إلا صديقى الذي قال إن الحشيش ليس حراما وأن هناك خلافا فقهيا حول الأمر، بل زاد الطين «بلة» عندما تحدث باستفاضة عن فوائد الحشيش.

ولم يتوقف الحوار مع صديقي حول مزاج ابن الرئيس أو الأنواع التي يتعاطاها سيادته ولا عن التاجر الذي كان يمده بالتموين اليومى أو الأسبوعى، وإنما دخل في مناطق أخرى كان من بينها أن قال لي صديقي إن عبقرية السادات كان أحد أسبابها أنه كان من عشاق الحشيش، وعندما قاطعته بأن هذا هو السادات الذي ترونه زنديقا وكفرتموه وقتلتموه وكنتم أول من أشاع قصة الحشيش في حياته.. قال صديقي: ما علينا فالأهم أن نبتة الحشيش من أهم فوائدها أن بعض القبائل لا تزال تستخدمها في علاج العديد من الأمراض، بل إن دولا تستخدمها في علاج آلام أمراض السرطان وعلاج الصداع والتشنجات والكحة المصحوبة بالمغص.. وعدد لى الدول التي تبيح تعاطي الحشيش وعلى رأسها هولندا التي حاربت الأنواع الخطيرة من المخدرات بمخدر الحشيش.

ولم يكتف صديقي الإخواني بأن أصبح باحثا طبيا بل تمادي ليصبح مفكرا اجتماعيا عندما قال لى إن الحشيش يساوي بين فئات المجتمع، حيث يتعاطاه الفقير والغنى.. الخفير والأمير وتكاد تتطابق طرق تعاطيه بين العامة والخاصة، وشيئا فشيء وجدت نفسي أمام عمنا أحمد فؤاد نجم الذي كان في عرف الإخوان من الكفرة الفجرة، ثم أصبح بعد وفاته ربما في عداد الكافرين الراحلين ثم أنقذه قدره من عذاب الجحيم بعد أن تورط ابن الرئيس المعزول في قضية تعاطي مخدر الحشيش فصدر قرار إخوانى بعدم تحريم الحشيش.

وقرار الجماعة باعتبار الحشيش من الأمور المختلف عليها قد يتغير إذا ما حصل ابن مرسي على البراءة في القضية، وإذا لم يحصل عليها فإن هناك احتمالا باقيا باعتبار الحشيش جريمة كبري وعادة من عادات العلمانيين والليبراليين إذا ما أعلن عبد الله محمد مرسي أنه تعافى من محنة التعاطى فيصبح الشاب تائبا نصوحا، أما الحشيش فإنه لن يعدو كونه نبتة شيطانية لا يجوز الاقتراب منها بل ولا يجوز العلاج بها، لأنه لا علاج بخبيث والمخدرات خبيثة.

هذا التعاطى والنقاش مع صديقى الإخوانى ليس من قبيل السخرية وإنما هو التعبير الدقيق لامتطاء الدين لتحقيق أغراض دنيوية، ومن تابع عصور الخلافة التي يتحدثون عنها سيكتشف أن القضاء الشرعى لم يكن صافيا نقيا على طول الخط كما هو في وهم الجماعات المتحدثة عن الخلافة، وإنما ستكتشف أن الدين استخدم لخدمة أغراض السلطان في معظم العصور وأن الحلال البين والحرام البين قد غطتهما سحب ضبابية في كثير من العصور.

وما كان حراما بالأمس قد يصبح حلالا اليوم، ليس من باب التطور ولكن من باب إرادة الحاكم وهو ما تعبر عنه الحكاية الشعبية التي تتحدث عن شيخ سئل ذات مرة «ماهو حكم الشرع في حائط تبول عليه كلب؟» فكان رد الشيخ: يهدم ويبنى سبع مرات حتى يتطهر.. رد السائل: حتى لو كان هذا الحائط هو الذي بين بيتي وبينك ؟.. هنا رد الشيخ: قليل من الماء يطهرها.. هكذا قليل من الحشيش ليس جريمة.
الجريدة الرسمية