رئيس التحرير
عصام كامل

خمسة أشخاص يديرون مصر.. الشاطر «الرجل الحديدى» فى الدولة يتفاوض باسم النظام مع بارونات مبارك.. «الإمبراطور» مالك التقى بحسين سالم وصاحب العبارة ليقنعهما بالعودة مقابل إسقاط القضايا

محمد بديع مرشد الاخوان
محمد بديع مرشد الاخوان

«العالمى» الحداد يدير العلاقات الخارجية و"مرسال" بين "الإرشاد" و"الرئاسة"..«الصقر» عزت يدير جهاز مخابرات خاصًّا بالإخوان ويضع الخطط المستقبلية..«المستشار» بديع يشرف على "أخونة الدولة" ويدير التنظيم. 

٢٤ شهرًا مرت على رحيل نظام مبارك برجاله ومساوئه، فى البداية ظن البعض أن رحيل هذا النظام سيعيد الحياة لأوردة مصر من جديد، لكن ما حدث لا يزيد عن كونه استنساخًا لنظام مبارك برجاله وبصورة أكثر سوءًا من عصره، وهو ما أثبتته الـ ٢٤ شهرًا التى مضت.

مبارك كان يعتمد فى إدارة شئون مصر على رجال بعينهم، لكن معظم الأوامر كانت تخرج من مكتبه الرئاسى، لكن فى ظل نظام الإخوان انقلب الوضع رأسًا على عقب.
فالرئيس محمد مرسى لا يعتمد على رجال الإخوان فى إدارة شئون البلاد، لكن حقيقة الأمر أن البلاد يديرها فعليًّا خمسة أشخاص فقط يُمْلُون تعليماتهم للرئيس مرسى وهو ما عليه إلا التنفيذ فقط.

الرئاسة باتت مقسمة بين الخمسة الكبار داخل تنظيم الإخوان وفقًا لملفات معينة، كل منهم له دور فى إدارتها، والخمسة الكبار هم المهندس خيرت الشاطر؛ نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والمهندس حسن مالك؛ القيادى البارز بالجماعة، والدكتور عصام الحداد؛ عضو مكتب الإرشاد ومساعد رئيس الجمهورية، والدكتور محمود عزت؛ نائب المرشد، والدكتور محمد بديع؛ المرشد العام للإخوان.

الرجل الحديدى
البدايات دوما ما تكون مع كبار القوم وعليتهم، ولا جدال أن المهندس خيرت الشاطر هو الرجل الأقوى فى تنظيم الإخوان، ليس فى مصر وحدها لكن فى التنظيم الدولى للجماعة أيضا بطول الأرض وعرضها، لم لا؟ فالرجل يملك بيديه كل خيوط اللعبة سياسيًّا واقتصاديًّا أيضًا.
الشاطر فى دولة الإخوان يقوم باللعب بالنار، ويسير على أسلاك شائكة، فالرجل أخذ على عاتقه مؤخرًا ملف التصالح مع أركان نظام مبارك!
أجل.. ملف التصالح مع نظام المخلوع بات فى يد خيرت الشاطر، يتصرف به كيفما شاء، ويرسل أوامره لمؤسسة الرئاسة لتنفيذ ما يراه صائبًا.
فالرجل الحديدى داخل الإخوان فتح خلال الشهرين الماضيين قناة اتصال جديدة ببارونات المال والأعمال من نظام مبارك ليقنعهم بالتصالح مع الدولة، وفتح شركات جديدة وإنشاء مصانع ضخمة يكون هو من الباطن شريكًا لهم بها.

الشاطر ركز فى مفاوضاته الأخيرة على اثنين من كبار رجال الأعمال المقربين من أسرة الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، وهما المهندس رشيد محمد رشيد؛ وزير التجارة والصناعة فى نظام مبارك ورجل الأعمال الذى تربطه علاقات صداقة وشراكة بالمخلوع وأسرته، والثانى هو رجل الأعمال الأبرز حسين سالم؛ صاحب الاستثمارات الضخمة فى مجال البترول والطاقة، والمطلوب قضائيًّا للعدالة فى مصر والهارب إلى إسبانيا.

الشاطر يتفاوض مع رشيد وسالم باسم الدولة والنظام، ويحدد لهما كيفية الخروج من الأزمة التى يمران بها، ويعدهما بالعودة لمصر وفتح أبواب الاستثمار أمامهما من جديد، مقابل قيامهما بالتخلى عن جزء من أموالهما يرد لخزينة الدولة، حتى يتم إسقاط القضايا التى يحاكمان بسببها، والمثير فى الأمر أن مفاوضات الشاطر اقتربت من أن تؤتى بثمارها.

إمبراطور المال
أطلق عليه البعض أحمد عز الإخوان، إنه المهندس حسن مالك؛ القيادى الإخوانى البارز الذى يحمل على عاتقه العديد من الملفات الاقتصادية المهمة التى يديرها باسم الدولة دون توليه لمنصب رسمى بها، فمالك يعد هو الرجل الذى يضع الخطط الاقتصادية للدولة، ويتفاوض أيضًا باسمها دون أن يتم الإعلان عن حقيقة هذا التفاوض.
ففى إحدى زياراته الخارجية سافر مالك إلى إسبانيا، وهناك استكمل مفاوضات الشاطر مع حسين سالم حينما التقاه وعرض عليه تسوية كافة القضايا الخاصة به مع المحاكم مقابل أن يتنازل عن جزء بسيط من ثروته، وسيرد إليه هذا الجزء فيما بعد فى صورة أرباح حينما يقوم مالك بتوسعة استثماراته فى مصر بشراكة أحد رجال أعمال جماعة الإخوان.

وفى إحدى الزيارات الخارجية الأخرى سافر مالك إلى لندن بصحبة الدكتور محمد محسوب؛ نائب رئيس حزب الوسط الحالى ووزير الشئون القانونية والنيابية السابق، وهناك فى عاصمة الضباب التقى هذا الثنائى برجل الأعمال ممدوح إسماعيل صاحب العبارة "السلام ٩٨" التى غرقت فى البحر الأحمر أثناء عودتها من المملكة العربية السعودية وخلفت وراءها مئات الضحايا، وعرض الثنائى على ممدوح إسماعيل العودة إلى مصر وإسقاط الأحكام الصادرة بحقه، والدعاوى القضائية المرفوعة ضده مقابل قيامه بضخ استثمارات جديدة فى السوق المصرى لينتعش الاقتصاد.

العالمى
الدكتور عصام الحداد؛ عضو مكتب الإرشاد ومساعد الرئيس للعلاقات الخارجية، هو الآخر أحد الكبار الذين يديرون مصر حاليًّا.
فالحداد يعمل كهمزة وصل بين مكتب الإرشاد والرئيس مرسى، فهو الذى يحمل القرارات التى تكتب داخل مكتب الإرشاد ليوقعها الرئيس فى مكتبه بقصر الاتحادية.
دور الحداد فى إدارة مصر لا يقتصر على كونه "مرسال" مكتب الإرشاد للرئيس، فالرجل يدير أحد الملفات الأكثر خطورة فى الدولة، وهو ذلك الملف الخاص بالعلاقات مع الولايات الأمريكية والغرب والخارج بصفة عامة.

الحداد استطاع أن يشكل "لوبى قوى" داخل أمريكا من الإعلاميين الأمريكان، ويحمل هذا اللوبى على عاتقه مهمة الدفاع عن الإخوان والرئيس مرسى، وتوجيه الرأى العام الأمريكى أحيانًا للدفاع عن الرئيس والإخوان إذا ما لزم الأمر ذلك.
واستطاع الحداد أن يقيم علاقات وثيقة بأركان الإدارة الأمريكية ويدير معهم المفاوضات الخاصة بالشأن المصرى، ويبرم الصفقات باسم الإدارة المصرية، وما على الرئيس مرسى إلا التوقيع على تلك الأوراق التى يقدمها له الحداد.
لم يكتف عصام الحداد بهذه الأدوار، لكنه أخذ على عاتقه باسم مصر التفاوض مع نظام الملالى فى إيران، والعمل على تهدئة الأجواء المتوترة بين واشنطن وطهران، وتمكن الحداد مؤخرًا من تكوين علاقات قوية مع شخصيات قيادية ومؤثرة جدًّا داخل النظام الإيرانى، وهو ما يفسر التقارب المصرى الإيرانى مؤخرًا والهدوء النسبى فى حالة العداء والتصريحات المتبادلة بين إيران وأمريكا.

الصقر
الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام للإخوان أو كما يحلو للبعض أن يسميه بـ"صقر الجماعة" وكاتم أسرارها، ولـ«عزت» دور حيوى وفى غاية الأهمية فى دولة الإخوان؛ فالرجل هو صاحب الخطط والأفكار المستقبلية، وهو من يقوم بوضع الخطط الخاصة بمصر ويشرف بنفسه على تنفيذها.
ومنذ أن وصل الإخوان لحكم مصر عبر الدكتور محمد مرسى القيادى الإخوانى حمل عزت على عاتقه مهمة الإشراف على جهاز المخابرات الإخوانى، خاصة بعدما حصل الشاطر على الملفات المهمة التى كانت بحوزة أمن الدولة والأمن الوطنى، وقام بتسليم نسخة منها للدكتور محمود عزت الذى عكف كثيرًا على دراسة ما بهذه الملفات ليستطيع تشكيل جهاز إخوانى خاص تكون مهمته الأولى معرفة أدق الأسرار الخاصة بالشخصيات والحركات والأحزاب المؤثرة.

وعزت هو صاحب الحركة الفعلية التى يقوم بها الإخوان على الأرض، فهو من يعطى التوجيهات والأوامر، وهو من يقوم بترتيب الاتفاقات والصفقات مع الجميع لإفساد أى ثورة متوقعة على حكم الإخوان.
أحد أهم الملفات التى يشرف عليها الدكتور عزت هو ملف "أخونة الدولة"، فهو صاحب القرار الأول والأخير فى ترشيح الأشخاص لرئاسة مؤسسات إو إدارة محافظات ووزارات، أو أى منصب قيادى فى مؤسسات الدولة، فأى اسم مرشح لتولى منصب مهم يعرض أولا على عزت الذى يقوم بالبحث والتحرى عبر جهاز المخابرات الإخوانى عن هذا الشخص وتوجهاته، ومدى إمكانية السيطرة عليه وعلى قراراته؛ ليتخذ عزت قرارًا بشأن هذا الشخص.

المستشار
يظل الدكتور محمد بديع؛ المرشد العام للإخوان هو الشخصية التى تعمل كمستشار لشئون الدولة المصرية بأكملها، فالمرشد هو صاحب الرؤية الأخيرة، إضافة إلى قيامه بالإشراف مع عزت على ملف "أخونة الدولة"، وبديع يعمل كذلك على الإشراف على الملفات المهمة الأخرى المتعلقة بشئون الجماعة.
 "نقلا عن العدد الأسبوعى".

الجريدة الرسمية