نبيل فهمي: القمة العربية تأتي في مرحلة بالغة الحساسية.. الإرهاب والتطرف والرجعية الفكرية على رأس القضايا العربية.. المجتمع العربي يمر بتغير كبير من المشرق إلى المغرب.. ونثمن دور الكويت للتوافق العربي
أكد وزير الخارجية نبيل فهمي إلى أن القمة العربية تأتي في مرحلة بالغة الحساسية في العالم العربي، وأن هناك العديد من القضايا العربية الحساسة على المستوى الإقليمي، وموضوعات لا بد من التعامل معها لتوفير مستقبل أفضل للشعوب العربية.
وقال فهمي في مؤتمر صحفي بالعاصمة الكويت اليوم، عشية اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضري لأعمال القمة العربية: إن من بين القضايا المهمة للوطن العربي ومصر تحديدا قضية الإرهاب والتطرف والرجعية الفكرية ومحو الأمية، وهناك عدد من القضايا الإقليمية والسعي للدولة الفلسطينية، إضافة للوضع في سوريا بكل ما يحمله من مخاطر، فهناك مخاطر لتنازع تيار الطائفية في إطار التوجه للدول العربية وما نشهده من صدام بين تاريخ مؤلم واستحقاق للحرية والعدالة لا بد أن يستجيب له الشعب السوري، فهناك محاولات لتقسيم البلد وهذا أمر جد خطير.
وأكد فهمي أن المجتمع العربي يمر بتغير كبير وسريع من المشرق إلى المغرب، وهذا التغير يشمل مصر، والتي تضم أكثر من ربع سكان العالم العربي، مشيرا إلى أن الحضور المصري خلال اجتماع وزراء الخارجية كان حضور مصارحة، وحضور بناء سينطلق من أهمية الحفاظ على الهوية العربية وعلى إقامة الدولة في العالم العربي كما تتحاور مع الكل انطلاقا من إيماننا بالعمل العربي المشترك.
وأشار الوزير إلى أن المستشار عدلي منصور حاضر في القمة التي تقام الثلاثاء وسيلقي بيانه الواضح والصريح ويطرح مبادرة بها عدد من الأطروحات، مشيرا إلى رفع توصية للقمة من الوزراء بأن تقوم مصر باستضافة القمة القادمة في مارس 15 وهو ما يستناول في بيان الرئيس أيضا.
وحول مصير المصالحة بين مصر وقطر التي تقودها الكويت قال: إن "هناك اختلافات وخلافات بين عدد من الدول العربية ليس فقط بين هاتين الدولتين، هذا وقت الأفعال وليس الأقوال، القمة باستضافة الكويت نثمن على روح الكويت بالعمل نحو توفيق الأوضاع العربية وهذا هدف من الأهداف المصرية لكن المسألة فيها مشاكل كثيرة وتتعدى المجاملات، ولكي تعاد الأمور لنصابها يجب أن نشهد تغيرا جذريا، ويجب المتابعة وعدم رفع التوقعات".
وفيما يتعلق بموضوع اعتبار الإخوان المسلمين جماعة إرهابية قال: أعتقد أن كل الدول العربية على مدى 20 سنة تعرضت للإرهاب، مؤكدا أن الإرهاب لا حدود له، وأنه إذا ترك سيمتد.
وأكد أن "القرار المصري ارتبط بالواقع المصري، لكن لقناعتنا بخطورة الموقف نقلناه لكافة الدول العربية ودعوناهم إلى الالتزام بالاتفاقية، ورأى البعض اتخاذ أمور مناسبة لها".
وردا على سؤال عن حالة التوتر بين مصر وتونس وجمود العلاقات بينهما قال: "هناك مجال لإعادة العلاقات المصرية التونسية، ولكن مستقبل المنطقة مرهون بنجاح دولها بالتوافق بينها وهذا معناه توافق الشعوب قبل توافق الحكومات، وهذا أمر يجب ألا يفسد العلاقات بيننا طالما أنه ليست هناك وسائل للتدخل في الشئون الداخلية للجانب الآخر، فمصر لا تتدخل في الساحة التونسية وتتطلع للعلاقات الطيبة دوما".
وردا على سؤال حول الموقف القطري من تسليم المطلوبين من الإخوان لديها قال: "طلبنا تسليم بعض المتهمين، ومن لهم قضايا طبقا لاتفاقية مكافحة الإرهاب، لم يصلنا حتى الآن أي رد"، مشيرا إلى أنه لم يلتق وزير الخارجية القطري إلا في مدخل اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم، لكن لم يدر بينهما أي لقاء.
وحول تحذير الرعايا المصريين بعدم السفر لليبيا قال: "التحذيرات الصادرة عن الخارجية مرتبطة مباشرة بتوفير الأمن للمواطن المصري العامل في ليبيا في ظل الأوضاع داخل ليبيا، وطالما ليس أمامنا فرصة لتوفير الأمن فليس أمامنا إلا التحذير لأخذ الحيطة، أما القضايا الخلافية لا يجب أن ينعكس على مواطن ليبي يعيش في مصر أو مواطن مصري يعيش في ليبيا، فالمواطنون يجب أن يعيشوا في أمان".
وحول مشروع قرار دعم اللاجئين السوريين في الدول التي ترعى اللاجئين السوريين ومنها مصر قال: اللاجيء السوري في مصر يعامل كالمواطن المصري، وهذا يضع علينا قيودا في العدد القادم من سوريا، وبالتالي نحتاج مساعدة من الخارج، نشهدها حاليا من منظمات الأمم المتحدة ومن الدول التي تقدم ذلك، وإعلان اليوم هو نية للدعم نأمل أن نشهد له ترجمة سريعة، فالظرف السوري صعب ويجب أن نعاينه سريعا".
وردا على سؤال حول إذا ما كان الإخوان لا زالوا يمثلون خطرا وتهديدا لمصر قال: "أي شيء لا يعكس اعترافا واضحا وصريحا وإقرارا برغبة الشعب المصري، ومن لا يقبل بسلمية التعامل بما في ذلك الإخوان يشكل خطرا على المسيرة المصرية، فالخطر لو كان فكريا سنرد عليه بالفكر، والعنف سنرد بالقانون".
وشدد على أن مصر عازمة على بناء مصر الجديدة الديمقراطية، في منظومة حضارية تضم منظومة العمل العربي دون فرض آراء.
وحول الموقف من التقارب الغربي الإيراني وتأثيره على الوضع في دول الخليج قال: "التقارب الغربي مع إيران إذا كان يدفع إيران للتعامل بمبدأ علاقات حسن الجوار فنثمنه، لكن إذا كان يترتب عليه توجه مخالف فبدون شك أي مساس للأمن القومي للمصالح العربية في الخليج العربي يؤثر على مصر، علاقتنا مع الدول العربية هي علاقات مصلحة، فما يمس الأمن القومي الخليجي يمس الأمن المصري".
وفيما يتعلق بمقعد سوريا قال: "وزاء الخارجية العرب حددوا الموقف من موضوع المقعد في تأكيد قرارات القمة السابقة من ناحية والقرار الصادر عن الوزاري العربي، ولم يناقش مرة أخرى صباح اليوم إذا لم يناقش بين الوزراء على الأقل في هذه المرحلة".
وفيما يخص سد النهضة وأزمة المياه قال: "كل دول حوض النيل تحتاج مزيدا مما لديها مياه، وتنمية، وكهرباء وأراضي زراعية، لا يمكن الحصول على المزيد إلا بالتعاون ولا أجد من يستثمر مع منطقة فيها نزاع، فالأمر يتطلب تعاونا بين هذه الدول، ولمصر الحق من خلال التفاهم والتعاون نسعى، لكن لا توجد لدينا رفاهية إضاعة الوقت ولا تفاوض من أجل تفاوض، وسنصل لحل الأزمة وأتمنى ألا نطرح القضية كبند من بنود جدول الأعمال، ولا يوجد طرف عربي لم يسمع منا حتى الآن".
وشدد الوزير على أن المرحلة القادمة ستشهد تغييرا قادما لا محالة على جميع الدول في المنطقة العربية وبأشكال مختلفة.
وأشار إلى أن الرئيس عدلي منصور سيتناول في كلمته ملفات الاستقرار والبناء العربي، وموضوعات التغيير والأمن والفكر والتعليم والتنمية، مؤكدا أن نجاح مصر من نجاح العالم العربي ونجتهد انطلاقا من المسئولية تجاه الشعب المصري.
وأكد أن "ما نشهده في العالم العربي لا يرتبط بدولة أو دولتين إنما وضع غير سوى سيؤثر في العالم العربي كله، ثبت أن حديثنا كان سليما، كنت أتمنى ألا يكون القلق المصري السابق في محله، لكن ما شهدته خلال الأيام الأخيرة يعكس صعوبة الأمور وجديتها، هذه المشاكل ليست مشاكل تحل بمجاملة ولا تحل بمناسبة أو بوجود قيادات، هناك سياسات يجب أن تصحح وأن تقوى، وأتمنى أن تكون البداية في الكويت.
وفيما يخص الموقف المصري من حركة حماس قال: "موقفنا منها واضح كطرف فلسطيني، نحن ندعم الأطراف الفلسطينية ونتعامل مع الأطراف الفلسطينية كاملة، نريد إقامة الدولة الفلسطينية، ومن يتدخل في الشان المصري أيا كان، وبلا توجيه أي اتهامات له حساب آخر، لكن طالما الأمر خاص بالقضية الفلسطينية فهذا حوار أيدلوجي لا صالح لنا به".
وفيما يخص العلاقات المصرية الروسية وإذا ما كان توجها جديدا من جانب مصر قال: "أعلنا منذ البداية منذ تسلمت مهام منصبي أننا سننوع مصادرنا في مختلف الأمور المرتبطة بالأمن القومي، ليس فقط المرتبطة بالتسلح، لكن مصر بعد ثورتين تريد أن تنفرد بقراراها فانفتحنا أيضا على الصين واليابان وأفريقيا والمنطقة العربية والتحديات الدولية لكن ليس بهدف استبدال طرف بدلا من الآخر، في إطار منظومة مصرية واعية تستهدف تحقيق مصالحنا الداخلية".
وردا على سؤال حول استبدال القطب الواحد، قال: إنه بدأ مبكرا قبل الثورات العربية لكن لم نصل للتعددية المتساوية، حتى الآن.
وردا على سؤال حول وجود اتجاه لإقامة مجلس التعاون العربي، يضم مصر والأردن وعدد من دول الخليج قال: إن هذا الأمر لا زال يحتاج متابعة أدق، نحن مع كل تعاون عربي - عربي لكن إنشاء مؤسسات ومجالس جديدة لم يحدث.
وحول المناورات المصرية الإماراتية التي جرت مؤخرا وزيارة المشير عبد الفتاح السيسي إلى دولة الإمارات وإذا كانت تحمل رسالة قال فهمي: "إذا كانت المناورات تتم على هذا المستوى، فالرسالة ليست غامضة وإنما هي رسالة واضحة".
وحول خطورة الموقف العربي الراهن قال: إنه يتفق مع هذا الطرح بضرورة عدم إضاعة الوقت الذي سيزيد من خطورة الوضع ويجعل الحل أصعب بكثير ويجعل الجامعة العربية على المحك، معربا عن أمله أن تشهد الكويت معالجة ومصالحة حقيقية، غير أنه قال: "لا أتوقع أن نخرج من قمة الكويت والأطراف مقتنعة والأمور قد تم تسويتها، فالجرح عميق، وحتى إذا توصلنا إلى صيغة نحتاج إلى فترة تقييم للوضع".