رئيس التحرير
عصام كامل

التكفير والتخوين..


ارتكبت جماعة الإخوان المسلمين، على مدى عام كامل من حكمها لمصر، العديد من الممارسات الخاطئة، التي أدت إلى خروج الشعب بالملايين ضدها، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أن سياسة التكفير والمتاجرة بالدين التي اتبعتها الجماعة، كانت على رأس هذه الممارسات الخاطئة، التي لم يتحملها المصريون، وخرجوا بالملايين لرفضها.


وعندما انتصرت إرادة الشعب في 30 يونيو، ونجحت في إسقاط نظام الإخوان، تصورنا جميعا أن أسلوب تشويه المعارضين من خلال تكفيرهم قد ذهب بلا عودة، ولكن للأسف وجدنا أنفسنا ننتقل من نظام يشوه معارضيه من خلال تكفيرهم، إلى نظام آخر يشوه معارضيه من خلال تخوينهم، ومن إعلام قالوا إنه ديني اتهم معارضي النظام بأنهم معادون للشريعة، إلى إعلام آخر يقولون إنه وطني يتهم معارضي النظام بأنهم معادون للوطن، ومن مؤيدي نظام أعطوا لأنفسهم حق منح صكوك الجنة والنار، إلى مؤيدي نظام آخر يعطون لأنفسهم حق منح صكوك الوطنية.

فمنذ يوم 30 يونيو وحتى الآن وهناك حملة تشويه ممنهجة تُمارس ضد كل من يعارض النظام الحالي، فبمجرد أن يبدي أي شخص تحفظه على أي إجراء يتخذه النظام، تنهال عليه الاتهامات بأنه خائن وعميل وطابور خامس وخلية نائمة للإخوان، حتى ولو كان معروفا بمواقفه المضادة للإخوان، وحتى لو كان جزءا من نظام 30 يونيو نفسه.

نعم، فقد رأينا خلال الفترة الماضية هجوما شديدا في معظم وسائل الإعلام، على الدكتور عصام حجي، المستشار العلمي للرئيس الجمهورية، وصل إلى حد اتهامه بالعمالة للولايات المتحدة، لمجرد أنه تجرأ وأبدى اعتراضه على اختراع القوات المسلحة، وطريقة طرحه على الشعب!

كما رأينا أيضا حملة هجوم شديدة على المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، لمجرد أنه قام بالدور المخول له بحكم منصبه، وأعلن عن تقارير تدين بعض المسئولين بالدولة، فبدلا من أن تقوم وسائل الإعلام بدورها، وتضغط على مؤسسات الدولة للتحقيق في هذه التقارير، سلكت طريقا آخر، وهو تشويه الرجل واتهامه بأنه خلية نائمة للإخوان، على الرغم من مواقفه المعادية للجماعة، وعلى الرغم أيضا من إعلانه عن تقارير تدين الرئيس المعزول نفسه!

هذه الاتهامات التي وجهت لكل من المستشار هشام جنينة والدكتور عصام حجي، لا تعد شيئا بالنسبة للاتهامات التي تُوجه لكل من يجرؤ فقط أن يلمح بضرورة اتباع الدولة لحل سياسي بجانب الحل الأمني، واللجوء إلى الحوار للخروج من الأزمة الحالية، فمن يفكر فقط في طرح ذلك، تنهال عليه الاتهامات بدعم الإرهاب، ومساندة عنف الإخوان، على الرغم من أن المشير عبد الفتاح السيسي، هو أول من دعا في بيان 3 يوليو للمصالحة الوطنية مع كافة الأطياف!

على النظام الحالي أن يعي جيدا أن انتقاد البعض له ليس الهدف منه هدم الدولة، كما يروج إعلامه، بل الهدف منه الحفاظ عليها وحمايتها من الانهيار في حالة فقدان الشعب للثقة فيها، بسبب كثرة أخطائها، وعليه أن يعي أيضا أن الشعب الذي رفض الصمت على سياسة التكفير، لا يمكن أن يقبل بسياسة التخوين.
Nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية