الحكومة "تحلب" العاطلين
طوابير البطالة في مصر طويلة بطول الليل الأسود حالك السواد، والوصول إلى فرصة عمل أشبه بعبور المستحيل، لكن الجريمة أن يكون هناك استغلال لظروف المتعطلين عن العمل ومن خلال المسابقات الوهمية والتي انتقلت من شركات خاصة أشبه بشركات توظيف الأموال والنصب والاحتيال إلى مسابقات تجريها وزارات تتبع الدولة.
فجأة ومنذ أسبوع أٌعلن على موقع وزارة العدل المصرية، عن طلب وظائف في كل التخصصات، ولكل المؤهلات ودون وجود أي شروط للمطلوبين لشغل الوظائف، لا في السن، أو التقدير، أو المجموع، أو سنة الحصول على المؤهل، ولا أي شيء.
فرصة الوظائف تنطبق مع كل الخريجين المتعطلين عن العمل في مصر، وهو ما جعل الملايين يتزاحمون على البنوك لسداد مبلغ 20 جنيها وهو المطلب رقم 2 في قائمة شروط التقدم للوظيفة والتي تتضمن في بندها الأول، سحب نموذج التعيين المجاني المتوافر بالمحاكم الابتدائية التي يقع في دائرتها محل إقامة المتقدم.
المهم أن الإعلان يجعل من الخريجين المتعطلين عن العمل زبائن لهذا الإعلان، وبحسبة بسيطة نجد أن ملايين المصريين الذين يعانون من البطالة قد اقتطعوا من قوتهم الضروري هذه الجنيهات التي إن أردنا أن نحصيها فلن تقل عن عشرات الملايين من الجنيهات باعتبار أن حلم الحصول على الوظيفة يداعب الملايين من الشعب المصري وهم المتعطلون عن العمل وهو ما يعنى أن حكومة "محلب" بدأت "تحلب" قوت الشعب المسكين.
وطبقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن عدد المتعطلين ارتفع إلى 3.6 ملايين متعطل، بنسبة 13.2% من قوة العمل، وبالطبع هم من خريجي الجامعات أو المؤهلات المتوسطة أو العمال الفنيين والحرفيين أو العمالة العادية وكل ذلك يشملهم الإعلان.. وبالتالي فسوف نجد أكثر من مليوني عاطل في مصر سوف يقتطعون من ثمن رغيف الخبز ويحرمون أنفسهم منه لدفعها لحساب وزارة العدل، والتي إن صدق هذا التصرف لأصبح جريمة ابتزاز تمارسها وزارة ترفع شعار العدل خاصة أن القانون يجرم مثل هذا التصرف غير الإنساني.
أتمني أن أكون مخطئا وأن تنكر وزارة العدل صلتها بهذا الإعلان أو تنفي علمها بشرط سداد مبلغ 20 جنيها، وإلا فمن الصعب أن تحترم الحكومة نفسها وعليها أن تعلن استقالتها بتهمة استغلال أوجاع البطالة بابتزاز الشعب.