رئيس التحرير
عصام كامل

أصل القضية


ما يجرى الآن فى مصر يمثل ثأر الشارع الثورى ضد الهيمنة الإخوانية، بعد تنفيذ مخططات إجهاض الثورة، وتجاهل مطالبها طوال العامين الماضيين، فبعد أن تم استدراجُ ثورة يناير إلى فخِ صندوق التصويت والتعاطى الدستورى والبرلمانى والمؤسسى قَبْل استكمالِ أهدافِها، حوصر منهجها الثورى، لتبرز جماعة الإخوان المتربصة، وتوظف أحداث ثورة الشباب لمصالحها السياسية الضيقة، لتضيع لحظة تاريخية مجيدة لبناء الوطن، قد لا تتكرر بعد ذلك، وظهر اتفاقها مع العسكر لتدمير المد الثورى، وتصوير الأمر فى مصر كإدارة أزمة لا تعاطيا مع تغيير ثورى شامل فيها، بعدها تبنى الإخوان نفس دعاوى الإصلاح المجتمعى، ووهم الفكر الجديد للنظام القديم من أجل تخدير الرأى العام، والتعتيم على الحراك الثورى، فتمَ الإحاطةُ بالوطنيين، وقُمِعَ حراكُ الثوريين تحت دعوى وجوب الاستقرار من أجل مصلحة الاقتصاد، وأُجبِروا على الاحتكام للمنظومةِ القانونيةِ، التى تُمَثِلُ تراثَ النظامِ السابق، ومفهومَه القاصرِ عن الحقوقِ والحرياتِ والعدالةِ الاجتماعية، فأصبحوا محصورين بين مطرقةِ القانونِ وسندانِ المؤسسات.

ووسط كل المتناقضات، أَضْحَت ساحةُ الميدانِ حركة ثورية مكبوتة، يزداد اشتعالها وضغطها كل يوم، حتى انفجر مرجلها تحت الضربات المنهجية التى تعرضت لها تبغى وأدها، وقد حركتها مجددًا ذات القوى الناشطةُ المنَظَمَة ذاتُ الثقافةِ والرؤيةِ السياسية الفاعلةِ، التى لم تؤثر فيها سياسات السيطرةِ، وأساليب الاستخفاف، ووهم الإصلاح المتدرج، وشعارات الإخوان الزائفة، ومشروعهم الخيالى فى السياسة والاقتصاد.
قامت ثورة الشباب متأججة، لتدعو مجددًا وكما دعت من قبل إلى مشروع سياسى مجتمعى مضاد، يعيد استنهاض العقل الجمعى للأمة المصرية وفق مفاهيمه الأصلية، بعد أن نجح النظام الإخوانى فى إجهاضه بعد الثورة، وشتت قواه فى إجراءات دستورية موجهة، وفرض دستورا مكبلا للحريات، ليستطيع المصريون بناء بلدهم وفق منطلقاتهم الوطنية وتراثهم وقيمهم المتأصلة فى النفوس والأذهان، ليظل المطلب الوطنى الساطع هو بناء المجتمع المدنى المنشود فى مصر، الذى لا يحكم فيه الحاكم الناس بسطوته، بل يحكمه الشعب بإرادته، وتلك هى أصل القضية .

الجريدة الرسمية