رئيس التحرير
عصام كامل

البابا تواضروس: ترشح «السيسي» لرئاسة الجمهورية «واجب وطني».. «المشير» بطل ثورة «30 يونيو» ومنقذ مصر.. لا وجه للمقارنة بين «مرسي ومنصور».. والكنيسة الإ

البابا تواضروس الثاني،
البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية

قال البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، إن «مصر تسير منذ 30 يونيو على خارطة طريق إلى المستقبل وفق خطوات واضحة، منها كتابة الدستور وإقراره، ثم الانتخابات الرئاسية».

وأضاف «تواضروس»، في حوار مع تليفزيون «الوطن» الكويتي، نشرته صحيفة «الوطن» الكويتية، كاملا في عددها الصادر اليوم الأحد، أن المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، يمتلك «شعبية جارفة باعتباره أنقذ مصر ومن حولها»، مشددا على أن ترشح «المشير» بات واجبا وطنيا، لأن المصريين يرونه منقذا وبطل ثورة 30 يونيو، ويمتلك صفة الضبط والربط المهمة لنمو المجتمع المصري.

وإلى نص الحوار:


كيف كان موقف الكنيسة من أحداث 30 يونيو، وكيف اتفقت القوى الوطنية على اتخاذ هذا الموقف الحاسم الذي أنقذ مصر من سياسة الإخوان؟

- المجتمع المصري في حالة تغيير منذ ثورة 25 يناير، ووصل إلى حالة «غليان» حتى تم انتخاب رئيس للجمهورية بطريقة ديموقراطية بها شبهات كثيرة، وعلامات استفهام، ثم بدأ عهد الرئاسة ولكن للأسف توالت الأزمات والسلبيات والسقطات مع كل أركان المجتمع، والمنحنى في انخفاض من يونيو 2012 إلى يونيو 2013، ووصلت درجة الغليان في المجتمع إلى عدم قبول هذا النمط من الحكم عند كل المسلمين والمسيحيين، على الرغم من أنه كان يحكم باسم الدين، وذلك لأنه قدم صورة مشوهة جدا.

وأذكر أنه قبل 30 يونيو بـ12 يومًا قمت مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بزيارة للدكتور محمد مرسي للاطمئنان على مصر، تحدث خلالها د.مرسي لمدة ساعتين عن بعض الأمور الحياتية، وعندما وجهنا له سؤالًا عما سيحدث يوم 30 يونيو، فأجاب قائلا: «هيبقى يوم عادي زي كل الأيام».. ولكنه لم يكن يومًا عاديًا، وتدخلت القوات المسلحة وأعطته مهلة 7 أيام ثم 48 ساعة، ولم يحدث جديد، وبالتالي عقدنا اجتماعا ضم جميع ممثلي التيارات السياسية في مقدمتهم فضيلة الإمام الأكبر وبعض الأحزاب والتكتلات وشباب من حملة تمرد، واتفقنا على أن الأمور لم تكن في صالح مصر، وخرجنا في يوم 3 يوليو 2013 بالبيان الذي أعلنه المشير عبدالفتاح السيسي.

هل اتخذ هذا القرار بناء على اتفاق داخل الكنيسة؟

- هذه النقطة لا يوجد بها كنيسة أو جامع إنما مصلحة مصر، وما حدث قرّب بين المصريين مسلمين ومسيحيين، وأوجد تلاحمًا غير عادي، حيث رأينا راهبات في الكنيسة القبطية يرفعون علم مصر مع أخواتهن المحجبات في لحظة من اللحظات الفارقة في تاريخ الشعوب، ويقظة في حياة شعب.

ما موقف الكنيسة من أحداث العنف والاعتداءات التي تتعرض لها الكنائس والأديرة؟

- تعرضنا في يوم 14 أغسطس لهجمة شرسة لم تحدث منذ قرون، وهي الاعتداء على نحو 100 كنيسة وموقع مسيحي، بطريقة مدبرة ومنظمة تم خلالها حرق كنائس وسرقتها.

وأعتقد أن أيدي الشر كانت تنتظر هذه اللحظة ليحدث احتكاك بين المصريين، ولكننا اتخذنا موقفًا في صالح مصر، وقدمنا شهادة للعالم وردًا قويًا على الشائعات التي كان يروجها أناس في مناصب مهمة بالبلد، بأن الكنائس مليئة بالأسلحة حيث لم تطلق رصاصة واحدة في يوم 14 أغسطس، وأريد أن أؤكد أن الأرواح أغلى من المباني التي يمكن تعويضها، فالروح غالية ولا تعوض.

هل هناك مشروع لإعادة بناء هذه الكنائس؟

- بدأ بالفعل مشروع للترميم في عشر كنائس.

ما رأيكم في قضية سد النهضة؟

- نهر النيل يمر بـ10 دول ومصر دولة المصب، وتأتي %85 من مياه النيل من دولة إثيوبيا، وهناك اتفاقية تحكم استغلال هذه المياه، وعلى إثيوبيا أن تحترم حصص المياه لكل دولة، على الرغم من احتياجها للطاقة والتنمية والكهرباء لمصلحة شعبها، واريد أن أوضح أن الكنيسة الإثيوبية كان لها التأثير الأول في المجتمع الإثيوبي في الماضي، إنما في الوقت الحالي لم يكن لها نفس التأثير.

غير ذلك من الناحية الفنية سيؤثر سد النهضة على كيان قارة أفريقيا كلها، لأنه يقع في منطقة زلازل، وهذه الزلازل تضع شقا في الأرض، مثل «البلاعة»، وبالتالي المياه التي تتحرك خلف السد ستنزل في «البلاعة» ومنها إلى المحيط، ما يضعف استمرار سريان المياه لمصر والسودان، أضف إلى ذلك أن استمرار نزول المياه إلى «البلاعة» يوسع هذا الشق، ما قد يجعل القرن الأفريقي ينفصل عن أفريقيا، ومثال على ذلك جزيرة مدغشقر التي كانت جزءا من أفريقيا، وانفصلت بفعل الزلازل، وكذلك البحر الأحمر شق زلزالي فصل آسيا عن أفريقيا، وبالتالي السد له تأثير ليس على إثيوبيا ومصر فقط إنما على المنطقة كلها، ولكنني أؤمن دائما بأن الإنسان من الممكن أن يصل إلى تفاهم وتقاسم الفوائد من خلال الحوار.

كيف ترى الانتخابات الرئاسية المقبلة في ظل وجود دعوات بالمقاطعة وأخرى للعنف؟

- مصر تسير منذ 30 يونيو على خارطة طريق إلى المستقبل وفق خطوات واضحة، منها كتابة الدستور وإقراره، ثم الانتخابات الرئاسية، وهناك شعبية جارفة للمشير السيسي باعتباره بطل ثورة يونيو، وأنقذ مصر ومن حولها، والمشاركة في الانتخابات عمل وطني من الدرجة الأولى، وصوت جنب صوت يؤسس إنسانا يستطيع أن يقود هذا البلد، ولكن للجميع مطلق الحرية في اختيار ما يرونه مناسبا حسب قناعاتهم الشخصية.

ما وضع الأقباط في مصر.. وهل ترونه ضرورة عمل «كوتة» للأقباط في الحياة السياسية؟

- لا أقبل نظام الكوتة، لأنه عبارة عن الباب الذي سيقسم المجتمع، وبالتالي هو مرفوض جملة وتفصيلا، وينبغي أن نؤكد أن مبدأ الكفاءة هو الذي يحكم سير المجتمع، وأنا أتعامل بمنطق الكفاءة مع أي إنسان، فمسلم في منصب قيادي عنده كفاءة أفضل من مسيحي لا يمتلك كفاءة ولكن يجب أن يختفي تهميش الأقباط الذي كان موجودا في السنوات الماضية، ومصر أولى بأولادها المسلمين والمسيحيين فهم أغلى شيء على أرض مصر، ومنهم د.أحمد زويل وهو قامة كبيرة نفتخر به على أرض مصر، وأيضا د.محمد غنيم ود.فاروق الباز، ونماذج أخرى مشرفة.

ما رأيكم في الدستور الجديد، وما الفرق بينه والدستور القديم؟

- لا وجه للمقارنة بين الدستوريين، حيث كان يقال عن الدستور القديم أنه «زي التورتة بس مليانة قزاز»،أما الدستور الجديد فأعده خبراء دستوريون وقانونيون، ووصلوا إلى صيغة متوازنة ترضي جميع المصريين، فالدستور فضلا عن كونه نصوصا هو روح، والروح التطبيقية هي التي ستبين جماله.

ما وجهة نظركم فيما يسمى بالربيع العربي في بعض البلدان العربية؟

- منطقة العالم العربي ذات أهمية لكل العالم، لأنها مهد الأديان، والكثير من الفلسفات، وحدثت هذه الثورات في تونس، ومصر، ودول أخرى في أشهر يناير، وفبراير، ومارس، وبالتالي أطلق عليها ثورات الربيع لأنه فصل رائع، ونعتبره تجديدا للخليقة، ولكنه للأسف من الناحية السياسية لم يكن ربيعا ولا خريفا إنما أصعب من ذلك، فقد يكون شتاء مثلا، وأعتقد أنه اسم على غير مسمى، وحدوث هذه الأمور في منطقتنا العربية له أغراض خبيثة للغاية، أهمها «تفتيت» الدول العربية من 22 دولة إلى 40 دولة وفق دراسات حديثة، حتى تصير دول صغيرة لا حول لها ولا قوة.

هل ستناقشون خلال زيارتكم للولايات المتحدة الأمريكية الشأن السياسي المصري، وسبل العلاقات التي تجمع البلدين؟

- كان من المقرر أن أقوم بزيارة لأمريكا خلال أكتوبر الماضي، ولكنني اجلتها ولم أحدد بعد موعدا آخر للزيارة.

لماذا أصدرتم قرارا بتعديل وتنظيم بعض الأمور الداخلية في البيت الكنسي؟

- لديَّ رؤية لتنظيم العمل الكنسي، لأن المسيحيين أقباط هاجروا من مصر إلى بلاد كثيرة، ويجب على الكنيسة أن ترعاهم، وأود أن أسجل بكل فخر، وكل شكر أن الكويت كانت أول دولة خارج مصر تحتضن كنيسة قبطية، وذلك في أوائل الستينيات، ومازالت تعمل في رعاية كل المسيحيين الكويتيين بصورة رائعة، من خلال علاقة طيبة بين السلطات الكويتية والكنيسة القبطية، وهناك كنائس أخرى في الولايات المتحدة وأوربا، وأفريقيا، وآسيا، واستراليا، وبالتالي كل هذه الأمور تحتاج إلى تنظيم من خلال لوائح وقوانين.

ما تقييمكم للرئيس المعزول د.محمد مرسي والرئيس عدلي منصور، والمشير عبدالفتاح السيسي؟

- لا يوجد توازن في المقارنة لأنك تتحدث عن ماضٍ، وحاضر، ومستقبل، ففي الماضي لم تكن لديه إدارة تليق بمصر، أما الرئيس عدلي منصور فهو رجل وقور يحمل المعاني السامية للقضاة، ويقود الدولة بحكمة ورؤية مستقبلية بشهادة الجميع، وكل قراراته متوازنة لأبعد درجة، ثم المستقبل في ضوء ما نراه، شخص يحمل صفة الضبط والربط، وهي مفيدة جدا لنمو المجتمع.

هلا حدثتنا عن زيارة الرئيس عدلي منصور لكم في الأعياد المجيدة؟

- الرؤساء السابقون زارونا في مناسبات مختلفة، لكن زيارة الرئيس عدلي منصور كانت تهنئة بالعام الجديد، واقتراب عيد الميلاد، وكانت زيارة مبهجة إلى أقصى درجة، وفرحنا بها كثيرا، وتحدثنا عن مقدار العلاقات الطيبة التي تجمع المصريين، والشأن السياسي، ورؤيته للمستقبل.

ما رأيكم في موقف الغرب مما يحدث في مصر؟

- توجد علامة استفهام كبيرة، عندما كان يحترق باب، أو يكسر زجاج في كنيسة في الماضي، ينشغل العالم الغربي بحرق هذا الباب، لدرجة أننا كنا نعلم بالحادث من الإعلام الغربي قبل أن نعلم عنه في مصر، ولم يتحرك في أحداث العنف الأخيرة والاعتداءات على الكنائس، وبالتالي واضح جدا انحيازه الشديد ولا أجد مبررا لذلك، حتى ما شاهدناه في الشارع المصري في 30 يونيو، و3 يوليو، و26 يوليو، تم تزويره وتغييره وفق تقنية غربية وفوتوشوب!، ما يعتبر اعتداء صارخا من الإعلام الغربي، على سيادة دولة، متعمدين نقل الأحداث خاطئة حتى صدقت ذلك بعض سلطات الدول الغربية، ولذلك نحاول أن نحرك الإعلام المصري والدول الصديقة لتوضيح الصورة الحقيقة.

وما الدور الذي قامت به الكنيسة للتصدي لهذا الموقف الغربي؟

- كل كنائسنا في الخارج قامت بدور توضيحي لموقف مصر، أضف إلى ذلك قام بزيارتنا في الكنيسة العديد من الوفود العالمية من أمريكا والاتحاد الأوربي ومجلس اللوردات في إنجلترا والاتحاد السوفييتي، ووفود عربية من الكويت والإمارات وأوضحنا لهم ما حدث بالفعل.

كيف ترى حقوق المسيحيين في دول الخليج العربي بشكل عام والكويت بشكل خاص؟

- أنا على اتصال بكل أبنائنا والآباء الكهنة ونيافة الأنبا إبراهام مطران القدس والخليج، وأرى صورة ناصعة البياض في مجالات حقوق الإنسان وأحترام الآخر وسيادة القانون ويكفي كما قلت إن الكويت كانت أول دولة خليجية تحتضن كنيسة قبطية من 50 عاما ولذلك أشتاق إلى زيارة الكويت وبالفعل تلقيت دعوة كريمة من سمو أمير الكويت لزيارتها كما أحمل ذكريات جميلة جدا عن بلادكم من خلال مجلة العربي التي كنت أقرؤها شهريا منذ أوائل الستينيات وقد طلبت من السفير الكويتي السابق في مصر د.حمد الرشيد بعض الأعداد التي صدرت في السبعينيات عن مدينة دمنهور التي نشأت فيها، حيث كان مكتوبا عنها القرية التي حولها أبناؤها إلى مدينة، وتفضل سعادة السفير مشكورا بإرسال هذا العدد، وأعلم أن الكل يمارس عبادته في محبة وتآلف وتنوع وثراء للمجتمع.

هل لديكم كلمة أخيرة؟

- هذه أول مرة أتكلم في تليفزيون خليجي وأعتبرها فرصة طيبة لأقدم محبتي وتقديري واعتزازي بأهل الكويت، ومحبتهم لمصر، وموقف بلادكم القوى مع بلدي، وأقدر وأثمن احتضانكم لكل العاملين المصريين على أرض الكويت وأسمع أن قانونكم يكفل حق العاملين ويحفظه وأبلغ تحياتي لسمو أمير البلاد، وسمو ولي العهد ولجميع الشعب الكويتي.
الجريدة الرسمية