رئيس التحرير
عصام كامل

يومًا ما.. سيلعبون بجمجمته الكرة في شوارع دمشق


ثلاثة أعوام مرت على الثورة السورية المجيدة، وكغيرها من ثورات العالم العربى التي اندلعت في الفترة الأخيرة، فشلت في تحقيق أهدافها، أو على الأقل تم تجميدها، بفعل عوامل عديدة ، لعل أهمها أعداء الداخل قبل الخارج، هؤلاء الذين دعموا الحكام الطغاة والنظم المتسبدة ضد شعوبهم التي خرجت تطالب بالحرية، وأصبحوا أداة إعلامية في يد النظام، يستغل شهرتهم وحب الناس لهم ليقنعهم بأنه على حق، وتناسى هؤلاء أننا نعيش في عصر الصوت والصورة، ولا أحد يستطيع أن يكذب على الناس كثيرًا، فالصورة بألف كلمة.


فلا أحد يستطيع أن ينكر أن النظام السورى كان يقصف المساجد في المناطق التي اندلعت بها الثورة في حلب وحماة وحمص، ودرعا التي انطلقت منها شرارة الثورة، ولا أحد يستطيع إنكار المذابح التي ارتكبها النظام الشيعى ضد أبناء الطائفة السنية، والتي كان آخرها مجزرة "بانياس" وبالرغم من أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك ما يدعى بـ"جبهة النصرة" ولا تنظيم "دولة داعش"، وكل من خرجوا وقتها شباب سوريا الأطهار الذين لم يطالبوا بأكثر من إزاحة بشار عن السلطة بسبب فساده هو وحاشيته ونظامه الحاكم، وفشله في استرداد الجولان المحتلة من الكيان الصهيونى، مكملًا لمسيرة والده السفاح بشار الأسد الذي قتل ما يقارب من 40 ألف سورى عام 1982، عندما حاصر مدينة حماة وقصفها بالمدفعية الثقيلة.

كل ذلك لم يكن كافيًا لدى البعض ليقتنع بأن بشار سفاح مثل والده، وأنه راع لنظام دموى طائفى فاشى وفاسد، وظلوا مدعمين للنظام الحالى رغم ما رأوه من مذابح ارتكبها، وحتى المذابح التي لم يرتكبها النظام فقد تسبب فيها، فهذا النظام الذي تمسك بالسلطة وأدخل الجيش إلى الساحات والشوارع والطرق الرئيسية في سوريا، ترك الحدود مفتوحة ليتسلل منها أعضاء تنظيم القاعدة الذين قرروا إقامة ما يسمى بدولة "داعش"، وهى الدولة التي ستضم جزءا من سوريا والعراق، وأصبحت هي الأخرى تعيش في الأرض فسادًا، وتحرم ما أحل الله وتحلل ما حرم الله، مرتدين عباءة الدين.

ولو كان بشار حريصًا على مصلحة سوريا كما قال كثيرًا لكان تنازل عن السلطة حقنًا للدماء وحفاظًا على حدود دولته التي أصبحت تتآكل، فإسرائيل تحتل جزءا، وداعش تحتل الجزء الآخر، ونظامه يحتل جزءا ثالثا، ولا نعلم من سيحتل أجزاء جديدة من الدولة التي كانت يومًا ما درعًا من الدروع العربية والإسلامية القوية، لكن الغرور والصلف والطمع يجعل صاحبه دائمًا فاسدًا بالفطرة، وفساده لا ينتهى إلا بخروج روحه من جسده، وحلفاؤه الذين لا يريدون لنظامه السقوط يزيدون من اقتناعه بأنه على صواب، فيدعمونه بكل ما يملكون من سلاح وأموال ومصادر طاقة، وهو ما تكفل به النظام الشيعى في إيران، وكذلك روسيا التي استغلت وقوف أمريكا في جانب الثوار، لتقف هي في جانب النظام.

ثلاثة أعوام صمد فيها ثوار سوريا بالرغم من تعنت النظام ودمويته، ومحاولة الكثيرين الركوب على ثورته كجبهة النصرة وداعش، ولكن الأكيد الذي لا شك فيه، أنه سيأتى يومًا يلعب فيه أطفال سوريا كرة القدم بجمجمة بشار الأسد في شوارع دمشق، فمن قتل هذا العدد من الأطفال والشباب والنساء والشيوخ بدم بارد، لن تكون نهايته طبيعية أبدًا، ولنا في التاريخ عبرة.

ووسط كل هذه الظلمة التي نعيشها، هناك أشخاص رفضوا الرضوخ لهذا النظام، وخرجوا على الملأ ليعلنوا أنهم ضده وضد مجازره، وأنهم فقط مع الشعب السورى ومع ما يقرره، وسنتحدث عن هؤلاء في مقالات قادمة.
الجريدة الرسمية