والخالة والدة أيضا!
ربما لا أتذكر بطبيعة الحال اللحظة التي وعيت عليها وعرفتها وأدركت أنها خالتي.. لكن أتذكر معها ولها أشياء كثيرة منذ بدأ ذلك الوعي.. هي من شاركت والدتي رحمها الله أشياء كثيرة في التربية وفي الفضل.. شاركتها أعباء الرعاية في الطفولة وفيها ما فيها.. وشاركتها جزع الخوف علينا ونحن في عمر الصبا.. كنت صبيا لا يؤتمن له فعل.. وشاركتها لحظات القلق علينا في سن الشباب حيث الحماسة والطيش والانطلاق.. ولأنها ذهبت إلى القاهرة بحكم زواجها المبكر واستقرت بها لذا كانت الإجازة الصيفية في غالبها بين بيتها وبيت الجد في العاصمة أيضا..
نتذكر كيف جاءت للزيارة في سنوات التسعينات الأولى ونحن في معسكر الجيش تقطع المسافة الطويلة تحت لهيب الشمس بين معسكرات عديدة لا تربطها مواصلات وغير مسموح فيها بالسيارات الخاصة سيرا على الأقدام لتطمئن على ابنها الذي لم تلده.. ونتذكر اليوم الأول في رمضان وتعودنا أن نفطره ببيتها.. ونتذكر ولائم أكل الصعيد بنفَسها في إعداده شهيا لا مثيل له.. ونتذكر الجذع عند الملمات.. والفرح عند كل سبب للفرحة.. ونتذكر كل بهجة في عينيها عند كل لقاء.. بأحضانها الدافئة الحنونة..
ونتذكر منها الدعوات الصادقات بالصلاح والستر عند كل وداع.. ونتذكر تلاهي الدنيا فنخجل من تقصير هو محل اعتراف ولا مفر.. والاعتراف سيد الأدلة.. وهي سيدتي.. أخت أمي ولا فخر.. هي الطيبة الكبيرة ابنة العائلة الطيبة الكبيرة.. هي من أوصتني بأمي.. واليوم أعمل بوصية أمي فيها.. أعطاها الله الصحة وشفاها الله وعافاها.. ولا حرمنا الله منها وكل عام وهي بخير.. وكل عام وأمي في نعيم ربها..