الحكومة تتخلى عن قطاع الأعمال العام وتبحث عن أب شرعي
جاء رفض وزير الاستثمار الجديد منير فخري عبد النور لتولي مسئولية قطاع الأعمال العام بمثابة الصفعة التي تلقاها القطاع، خاصة في ظل تصاعد الأزمات المالية والعمالية به، والتي كانت أحد أسباب استقالة حكومة الدكتور حازم الببلاوي الماضية، حيث يعمل بالقطاع ما لا يقل عن 500 ألف عامل بشكل مباشر، يعانون تدنى الأجور والخوف من التسريح بسبب الخصخصة، بالإضافة إلى ملايين العمالة غير المباشرة.
ويبحث القطاع حتى الآن عن جهة تتولى أموره بعد تخلي وزارة الاستثمار عن دورها تجاهه، وفي ظل اقتراحات بإنشاء كيان مستقل له، تكون قادرة على التصدي لمشكلاته من سوء إدارة، وعدم تحديث للمصانع والمعدات والآلات التي تهالكت.
وتأسست شركات قطاع الأعمال العام منذ حقبة الستينات، وكانت أغلب شركات قطاع الأعمال العام خاضعة لوزارة التجارة والصناعة، بينما كانت الشركة القابضة للتشييد والتعمير خاضعة لوزارة الإسكان، وكانت شركة النقل البري والبحري خاضعة لوزارة النقل، حتى عهد حكومة الدكتور عاطف عبيد في فترة حكم الرئيس المخلوع "مبارك"، لتفصل الميزانية الخاصة بالقطاع عن الدولة، وتتوقف عن ضخ أي استثمارات به، ثم تضع قانونا يحمل رقم 203 لسنة 1991، والذي تناول تنظيم عمليات تقييم الأصول وبيعها، في حين أن قانون 97 للهيئات الذي كانت تتبعه الشركات لم يتناول هذا الأمر من قبل.
وينص القانون في مادته الـ 38 على أنه إذا بلغت خسائر أي من الشركات نصف رأس المال المصدر يحق لمجلس الإدارة أن يدعو لجمعية عامة للنظر في حل الشركة أو تصفيتها أو دمجها، لتبدأ رحلة خصخصة القطاع مع عام 1991، حيث كان يضم القطاع 27 شركة قابضة تتبعها 314 شركة تابعة، وبحلول عام 99 بلغ عدد الشركات التي تم بيعها 129 شركة، ليصبح عدد الشركات بعد ضمها لوزارة الاستثمار 9 شركات، هي الشركة القومية للتشييد وتتبعها 20 شركة، الشركة القابضة للصناعات الكيماوية وتتبعها 21 شركة، الشركة القابضة للأدوية وتتبعها 11 شركة، الشركة القابضة للصناعات الغذائية وتتبعها 23 شركة، الشركة القابضة للغزل والنسيج وتتبعها 32 شركة، الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى وتتبعها 16 شركة، الشركة القابضة للصناعات المعدنية وتتبعها 13 شركة، الشركة القابضة للتأمين وتتبعها 3 شركات، والشركة القابضة للسياحة والفنادق وتتبعها 9 شركات، وبالتدريج باع وزير الاستثمار الأسبق محمود محيي الدين 20 شركة، ليصل عدد الشركات التابعة الآن إلى 146 شركة.
وتولى رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقى حقيبة وزارة قطاع الأعمال العام، ثم انتقلت بعدها لعاطف عبيد، ثم مختار خطاب، لتنتقل بعد ذلك لتبعية وزارة الاستثمار ووزيرها محمود محيى الدين، وهو الوضع الذي استمر حتى وزارة الببلاوي السابقة، إلا أن حكومة محلب الحالية تبحث إمكانية نقل تبعية قطاع الأعمال العام إلى رئاسة الوزراء، وفقا لمواد الدستور، مع اختيار وزير مفوض للإشراف عليه.
ويشهد قطاع الأعمال العام تراجعا ملحوظا في حجم الأرباح المحققة، والتي انخفضت لـ 1.1 مليار جنيه في العام المالى 2012/ 2013، مقارنة بـ4.8 مليارات جنيه في العام المالي 2009/ 2010، وتتصدر الشركة القابضة للغزل والنسيج برئاسة فؤاد عبد العليم قائمة الشركات الخاسرة، ليبلغ حجم الخسائر السنوية بها ما يقرب من مليار ونصف مليون جنيها.
وعلى الرغم من صدور أحكام قضائية بإعادة عدد من الشركات للدولة على رأسها عمرو أفندي والمراجل البخارية وشركة طنطا للكتان، إلا أن التنفيذ لا يزال مجمدا، وحلم التشغيل مؤجلا أيضا حتى الآن، ولا تزال الإدارة في القطاع شديدة السوء، وهو ما يعكسه تدهور أوضاعه والخسائر التي يحققها، وعلى الرغم من ذلك لا يتم التفكير في تغيير الدماء وتغيير القيادات التي فشلت في تحقيق أهداف الشركات، على الرغم من أن المادة 5 من قانون قطاع الأعمال تجيز عزل القيادات الفاشلة.
وحول فكرة إنشاء صندوق سيادى يكون تابعا للدولة يشرف عليه مجلس الوزراء، يتولى ضخ استثمارات في هذه الشركات لإعادة هيكلة الشركات، قال صالح أبو اليزيد، المستشار المالي للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، إن نصف شركات قطاع الأعمال العام متعثرة، وهي ليست بحاجة لصندوق سيادي بقدر حاجتها لإنتاج منتج قادر على المنافسة في الأسواق، وهو أمر لن يتحقق الا بالشراكة مع القطاع الخاص.