خطاب التنحى
المشهد الأول
تصاعُد الأحداث بوتيرة متسارعة داخل ميادين مصر الكبرى، وأمام قصر الاتحادية، وقوات الشرطة تتعامل بعنف، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى، ومئات المصابين، والولايات المتحدة تخرج عن صمتها المريب، وتندد بسقوط قتلى فى المظاهرات، وتؤكد أن الرئيس الإخوانى فشل فى إدارة الأمور، ومسؤولون أمريكيون يطالبونه بالرحيل "الآن".
المشهد الثانى
الرئيس الإخوانى يتوقف عن ممارسة لعبة "البلاى ستيشن"، داخل إحدى الغرف الرئاسية، على خلفية الأحداث الدامية، ويتحدث مع مساعديه عن مخطط خارجى يحرض ملايين المصريين على الثورة ضده.
أحد مساعديه ينصحه بصلاة ركعتين والدعاء عليهم، خاصة على أعضاء جبهة الإنقاذ، فينظر إليه شذرا:"فعلتُها أكثر من مرة، ولكن دون جدوى، لا أعرف لماذا لا تستجيب السماء لى، رغم إنى حافظ للقرآن الكريم، وأصلى الفجر فى جماعة".
المشهد الثالث
أحد رجال الرئيس، يبلغه باتصال هاتفى من الرجل الكبير فى الجماعة، فيسرع الخُطى إلى غرفة مكتبه، ليحدثه بعيدا عن المسامع والأبصار.. فيتعثر ويقع أرضا، ثم ينهض، ويدخل الغرفة، ويُحكم إغلاقها، ويتلقف سماعة التليفون الأرضى، ويبدو مرتبكا فى الكلام، بل يتصبب عرقا، وكانت آخر ثلاث عبارات نطقها:"حاضر يا افندم، اللى تشوفه حضرتك، هنفذ حالا".
المشهد الرابع
الرئيس يصدر تعليماته لمساعديه بالإعداد لإلقاء بيان هام للأمة، يتم بثه على الهواء مباشرة، أحد معاونيه يتصل بوزير الإعلام الإخوانى، يبلغه بالأمر، التليفزيون الرسمى يكتب على شاشته: "عاجل.. الرئيس يلقى بيانا للأمة ..بعد قليل".
حالة من الارتباك تسود القصر الرئاسى الذى استقبلت جدرانه وحديقته مئات من قنابل المولوتوف.. بعض الذين تربوا فى كنف الجماعة، يتوقع أن هناك أمرا جللا سوف يحدث، الرئيس تردد على "الحمام" أكثر من مرة، خلال دقائق قليلة.
المشهد الخامس
مذيع قطاع الأخبار يعلن عن الانتقال إلى إذاعة خارجية، من داخل القصر الرئاسى، حيث يلقى الرئيس بيانا للأمة.
الرئيس يبدو مُتجهما واجما، شعره غير مُصفف، رابطة العنق نسيها فى الحمام، أحد معاونيه يخبره أنه "على الهواء"، فيبدأ فى تلاوة بيانه من ورقة مكتوبة، جاء فيها:
"بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المواطنون.. فى هذه الظروف العصيبة، التى تمر بها البلاد قررتُ التخلى عن منصب رئيس الجمهورية.."
فتعلو الصيحات خارج القصر، وفى ميادين مصر، ويتبادل المتظاهرون القبلات، وترتفع أصواتهم بالتهليل والتكبير، لأنهم لم يسمعوا ما تبقى من البيان، حيث استطرد الرئيس قائلا:
"وقد كلفتُ مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، بإدارة شئون البلاد
والله الموفق والمستعان"... فتشتعل الميادين من جديد..