رئيس التحرير
عصام كامل

قائمة قتل المسلمين


كل عربى اعتقد أن زعيم بلاده سيئ أو فاشل عاش ليرى فى الولايات المتحدة، ولقبها زعيمة العالم الحر، مَنْ هو أسوأ أو أكثر فشلاً، فالرئيس جورج بوش الابن بقى ثمانى سنوات دمية فى أيدى المحافظين الجدد أنصار إسرائيل وعصابة الحرب الدائمة التى تريد فرض هيمنة أميركية على العالم، وخاضت الولايات المتحدة حروباً خارجية زوّرت أسبابها عمداً قُتِل فيها زهرة شبابها مع مليون عربى ومسلم، وأطلقت أزمة مالية عالمية مستمرة.

لو حوكم بوش يوماً لربما استطاع أن يدّعى الجهل أو الهبل، وربما برأته المحكمة فقوانين السماء والأرض تقول: «ما على المجنون حرج».
فى غضون ذلك أرى صدق المقولة إن «السلطة تُفسِد» مع تنويع عليها أن «السلطة المطلقة تُفسِد بالمطلق،» فجلسات مجلس الشيوخ لتثبيت جون برينان الذى اختاره أوباما لرئاسة وكالة الاستخبارات المركزية أدت الى إماطة اللثام عن ممارسة للرئيس الأسود الذكى أراها ضد نص الدستور الأميركى وروحه، وهذا مع العلم أن الرئيس أستاذ للدستور الأميركى وخريج جامعة هارفارد.
منذ سنوات والرئيس أوباما يبالغ فى استعمال سلطته التنفيذية ويزعم أن تفويض الكونغرس سنة 2001 لسلفه باستعمال القوة العسكرية ضد القاعدة يمنحه سلطة أن يقتل الناس خارج أرض المعركة، وبينهم أميركيون، من دون إشراف قضائى أو محاسبة.
الرئيس أوباما، تحت ضغط جلسات تثبيت برينان، سلّم أعضاء لجنتى الاستخبارات فى مجلسى النواب والشيوخ «ورقة بيضاء» صادرة عن وزارة العدل تمنحه حقاً أراه مستحيلاً فى بلد رائد فى حقوق الإنسان، فالإدارة وضعت «قائمة قتل» والرئيس يقرر مَنْ يُقتل، فتستهدفه طائرات بلا طيار، فى باكستان والصومال واليمن، وربما غيرها.
أتوقف لأسجل بعض الخلفية، فقد كان جون برينان رئيس مكافحة الإرهاب فى البيت الأبيض ومرشحاً لرئاسة «سى آى ايه» فى ولاية أوباما الأولى، إلا أنه اعتذر وانسحب بعد انتشار أخبار عن دوره فى تسليم الولايات المتحدة متهمين أو مشتبه فيهم الى بلادهم ليُعذبوا فيها، وتُنتزع منهم اعترافات تحت التعذيب. وهناك تقارير لجماعات حقوق الإنسان تقول إن 54 دولة شاركت الولايات المتحدة فى خطة التعذيب هذه، حتى إن بعض المتهمين أُرسِل إلى دول وضعتها إدارة بوش ضمن «محور الشر» مثل إيران وسورية.
برينان كان العقل المدبر وراء «قائمة القتل»، بعد ذلك وهناك تقارير أخرى من جماعات حقوق الإنسان ومراكز بحث تُقدّر أن عدد ضحايا الطائرات بلا طيار بلغ حوالى ثلاثة آلاف، وأصرّ شخصياً على أن غالبيتهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال. وقد عادت «قائمة القتل»، لتبرز فى جلسات تثبيت برينان ويحاسب عليها.
«الورقة البيضاء»، التى تُبيح للرئيس القتل خارج نطاق القانون صدرت سنة 2011 وأمر الرئيس تحت غطائها بعمليات قُتِل فيها أميركيون مثل أنور العولقى فى اليمن، وهو يحمل الجنسية الأميركية، فى ايلول (سبتمبر) 2011 ومعه أميركى آخر هو سمير خان. وبعد أسبوعين عادت الطائرات الأميركية بلا طيار وقتلت عبدالرحمن العولقي، إبن أنور، وعمره 16 سنة.
اعتراض الكونغرس على الرئيس و»قائمة القتل» و»الورقة البيضاء» سياسى وليس قانونياً أو إنسانياً، فكل ما سمعت من أعضاء مجلسى الكونغرس احتجاجهم على قتل أميركيين، ويبدو أن قتل ثلاثة أميركيين أهم من قتل ثلاثة آلاف مسلم معهم.
باراك أوباما اختار سلاح الطائرات بلا طيار لحفظ حياة الجنود الأميركيين، ولو على حساب أرواح الناس الآخرين. ولعل الضجة القائمة تنتهى بوقف «قائمة القتل»، أو قتل المسلمين على وجه الدقة، فى إدارة يذكّرنا خصوم رئيسها كل يوم بأن اسمه باراك حسين أوباما.
نقلاً عن الحياة اللندنية
الجريدة الرسمية