الرئيـس الصـامت..!
إذا كان الصمت فضيلة، إلا أنه فى أحيان كثيرة يكون خطيئة، خاصة إذا لم يكن فى وقته وليس له ما يبرره.. وما تمر به مصر الآن لا يحتمل الصمت من أحد، وخاصة من الرئيس ورئيس الوزراء.. والنخبة ورؤساء الأحزاب السياسية ذات الجماهيرية والشعبية العريضة.. الكل مطالب الآن بأن يتكلم.. وأن يحدد موقفه بوضوح وجلاء تام مما يحدث.. بدون مواءمات سياسية.
الكل مطالب الآن بالكلام.. فى وقت أصيب فيه الرئيس محمد مرسى بالخرس، وكأنه انتهى لتوه من تناول وجبة دسمة من "سد الحنك".. ودخل رئيس الوزراء هشام قنديل مستشفى الصم والبكم.. وكأن المشاهد التى تمر بها مصر الآن تحدث فى بلد آخر، ولا تستحق أن يخرجوا إلى الناس ليوضحوا لهم حقيقة ما يحدث.. وما هى الخطوات التى سيتخذونها لتهدئة الشارع الغاضب الملتهب.
الرئيس مطالب بالكلام، وتوضيح حقيقة المؤامرات التى يتعرض لها، كما يدعى.. وكما يدعى مرشده وجماعته ومكتب إرشاده.. ويعلن أمام الناس بوضوح وشفافية كاملين أسماء المتورطين فى هذه المؤامرات، ومَنْ يمولهم ويقف وراءهم.. ولماذا يتركهم يعيثون فسادًا فى البلاد دون حسيب أو رقيب.. وإلا إذا كان غير قادر على الكشف عنهم، فعليه أن يرحل ويترك الرئاسة غير مأسوف عليه.. فنحن لسنا على استعداد للتضحية بالوطن من أجل الاحتفاظ بشخص سيادته فقط..!
إن المصريين اختاروا شخصا يجيد الكلام، وليس "صنمًا" لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم.. ولكنهم فوجئوا بأن الشخص الذى أبهرهم بكلامه وأحاديثه وخطبه فى المساجد وحفلات التخرج وحفلات "الزار" وحفلات "الطهور".. فى الأيام الأولى من حكمه، يتحول بعد أقل من سبعة أشهر إلى "أبو الهول".. لا يدرك ما يدور حوله، ولا يفهم ماذا يريد الناس منه.
إننا مقبلون على أيام عصيبة.. ومن الغباء أن يظن الرئيس وجماعته وحزبه وأنصاره وحكومته أن "سكوت" الغالبية العظمى من الشعب معناه الموافقة على أفعاله وتصرفاته وسياساته الفاشلة.. بل إن صمتهم أشبه ببركان يتأهب للثوران فى لحظة يصعب تحديدها.. وساعتها سيدمر كل ما يقابله فى طريقه.. فهل بإمكان السيد "مرسى" أن يجنبنا مخاطر هذا البركان، أم كعادته سيمارس هواية "الصمت" انتظارا لتعليمات "مرشده"؟!