"يبرود" تكتب سطر النهاية في الحرب السورية..قوات "الأسد" تضيق الخناق على خط إمداد حيوي من لبنان.. الأفضلية الاستراتيجية الآن في معسكر النظام.. وتمهد الأرض أمام سقوط "فليطا" ومن بعدها رأس المعرة ورنكوس
يبدو أن الحرب السورية بين قوات النظام والمعارضة تلفط أنفاسها الأخيرة، وطبقا للمراقبين العسكريين سقوط مدينة "يبرود" قد رجح كفة الأسد للانتصار، وأغلق طريق الإمدادات بالسيارات المفخخة والأسلحة والجهاديين القادمين من لبنان.
وسيطرت القوات النظامية السورية يدعمها مقاتلو "حزب الله" اللبناني على مدينة "يبرود" الاستراتيجية في منطقة القلمون بريف دمشق القريب من الحدود مع لبنان. ومن شأن هذه السيطرة أن تساعد الرئيس السوري بشار الأسد على تأمين الطريق البري بين دمشق وحلب وساحل البحر المتوسط وتضييق الخناق على خط إمداد حيوي لمقاتلي المعارضة من لبنان، وأن تعزز سيطرة الحكومة على قطاع من الأراضي يمتد من دمشق إلى مدينة حمص بوسط سوريا.
وقال مصدر عسكري إن نحو 1400 مقاتل من "الجيش السوري الحر" و"أحرار الشام" وغيرهما من الفصائل فروا من يبرود خلال اليومين الأخيرين وأن نحو ألف مقاتل من "جبهة النصرة" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" تحصنوا في البلدة السبت لمواجهة القوات الحكومية التي كانت قد دخلت المناطق الشرقية من يبرود وسيطرت على تلال استراتيجية عدة. وأضاف: "خاضوا قتالًا شرسًا ثم انسحبوا جميعًا منذ الليلة الماضية وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم".
وأوضح أن المقاتلين انسحبوا إلى قرى حوش عرب وفليطة ورنكوس وإلى بلدة عرسال الحدودية اللبنانية الواقعة على مسافة 20 كيلومترًا من ناحية الشمال الغربي.
وأفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الذي يتخذ لندن مقرًا له أن "قوات حزب الله اللبناني سيطرت بدعم من القوات النظامية السورية وقوات الدفاع الوطني على أجزاء واسعة من مدينة يبرود"، وأن قوات النظام واصلت هجماتها على المنطقة الواقعة بين يبرود وعرسال مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص بينهم طفلان.
وصرح الناطق باسم "الجبهة الإسلامية" التي تضم ائتلافًا من الجماعات المعارضة النقيب إسلام علوش: "ما من شك أن يبرود لها أهمية استراتيجية".
وقال إن الخسارة الكبرى تتمثل في أن مقاتلي المعارضة في الغوطة خارج دمشق لم يعودوا يملكون طريق إمداد إذ تطوق القوات الموالية للرئيس بشار الأسد عددًا من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة مانعة عنها الغذاء والوقود والمياه الصالحة للشرب.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" عن وزير الدفاع السوري العماد فهد جاسم الفريج لدى تفقده الجنود النظاميين في يبرود: "إننا نمضي من نصر إلى آخر". وقال أن الجيش النظامي يقوم حاليًا "بمطاردة الإرهابيين والعصابات، وستدمر كل مخابئهم".
وقال الباحث في معهد "بروكينغز" بالدوحة تشارلز ليستر إن "هذا الأمر يظهر مجددًا أنه في ما يتعلق بالمناطق الاستراتيجية، الأفضلية حاليا هي في معسكر النظام" الذي يصر على عدم التوصل إلى حل سياسي تشارك فيه المعارضة.
وقال مصدر قيادي في غرفة العمليات المشتركة بين الجيش السوري «وحزب الله» في تصريحات صحفية، أن «معركة يبرود تمثل الخطوة الأولى أمام سقوط فليطا من بعدها والمحاصَرة حاليًا والتي سيتم التعامل معها في الأسبوع المقبل وكذلك ستتوجه قواتنا إلى رأس المعرة ورنكوس وصولًا إلى قطع أي طريق بين لبنان وسورية أمام المعارضة وخصوصًا للمنظمات التكفيرية التي أشبعت لبنان بالانتحاريين اللبنانيين وغيرهم وكذلك بالسيارات المفخخة التي استهدفت مدنيين فقط».
وشرح المصدر أن «جبهة النصرة لا تزال تعلن مسؤوليتها عن قصف لبنان والمناطق الآمنة من السلسلة الشرقية الحدودية وبالتالي فهي الهدف المقبل والمستمر حتى مدينة رنكوس والزبداني وكل السلسلة الشرقية لوقف القصف على الآمنين من جهة ولتأمين دمشق من جهة أخرى وقطع طريق التواصل بين الإرهابيين في القلمون وريف دمشق».
وعن سير المعركة، أكد المصدر أن «القوات المهاجمة قصفت غرب ووسط يبرود موهمة أن الهجوم الرئيسي من هناك، إلا أن القوة المهاجمة اخترقت خطوط الدفاع بعملية التفافية من الشرق وصلت من خلالها إلى مركز الشرطة التابع للمدينة ومن بعدها اندفعت قوات أخرى من الغرب لتدخل على محاور متعددة أدت إلى انهيار الجبهة خلال يومين، وقد استبقت فرق الهندسة بدء العملية وأزالت التفخيخات المتعددة والأشراك التي تم التعامل معها».
وبحسب المصدر القيادي في غرفة العمليات المشتركة بين الجيش السوري و«حزب الله» فإن «جبهة النصرة داخل يبرود قد تركت عتادًا عسكريًا كبيرًا متطورًا وكذلك تركت خلفها المئات من القتلى من جنسيات خليجية وأفريقية متعددة وكذلك لبنانية وسورية، وقد انسحب بعض القوات نحو رنكوس وسنلاقيها هناك مجددًا، قريبًا».