رئيس التحرير
عصام كامل

سيناريو عنان هابط وسطحي وساذج!


يدهشني أن ثلاثة من زملائنا الصحفيين الكبار الأستاذ مصطفى بكري، والأستاذ محمود مسلم، والأستاذ ياسر رزق قد أعلنوا على العامة والخاصة أنهم زاروا الفريق سامي عنان وقضوا مع سيادته قرابة الساعات الست؛ من الثامنة مساء إلى الثانية بعد منتصف الليل تقريبا، لإثناء سيادته عن الترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة، وقد قال قائل منهم إنهم - قال إيه - استطاعوا إقناعه بعد جهد جهيد وعناء ومناقشات ومداولات وكأن الرجل كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز في هذا السباق، رغم أن أكثر المتفائلين في حملته كان يرى أن الفريق قد يخسر بعض أصوات أسرته، وأنه في حال اجتهاده قد يحصل على عدد أصوات لن يتعدى أصابع اليد الواحدة.

المهم أن زملاءنا الثلاثة بدلا من أن يتفرغوا لمهام جسام يقومون بها في صحفهم أضاعوا وقتهم الثمين في نقاش عقيم لا طائل من ورائه، إضافة إلى أن تفسيره لن يصب في مصالحهم الثلاثة.. وما قالوه حول انقسام قد يبدو داخل المؤسسة العسكرية قد يفهم منه أن المشير عبد الفتاح السيسي هو مرشح الجيش، وبالتالى نكون قد أدخلنا المؤسسة العسكرية في "حسبة برما"، وأغلب الظن أن إثناء الرجل عن الترشح إنما يصب في اتجاه إفساح الطريق أمام مرشح وحيد وهو أيضا لا يصب في المصلحة العليا للبلاد التي يري شبابها أنها يجب أن تسير إلى الأمام في الطريق الديمقراطى وهو الطريق الذي لا يكتمل دون صراع انتخابي حقيقي، وليس ديكورا قد نتورط فيه مع زملائنا الثلاثة!!

إن الحيلولة دون ترشح الرجل الذي أراد أن يصور للعامة وأنا منهم، أنه سيكون رقما صعبا في المعادلة- هو في النهاية قد أخرج الرجل من ورطة الفضيحة يوم إعلان النتيجة، وانكشاف شعبيته المحدودة ثم إن منعه من الترشح وبهذا الإخراج الساذج يجعل من خارطة الطريق تمثيلية أكثر سطحية من ذلك اللغط الذي تسبب فيه زملاؤنا بحسن نية، ومن عجائب الدنيا السبع المستجدات أن يقول واحد منهم إن انسحاب الفريق هو درس للإخوان وأن انسحابه هو إعلاء لقيمة التوحد داخل المؤسسة العسكرية مع أن الرجل قد أغلق باب مشواره بها بشرف وأمانة وترشحه جزء من حقوقه الدستورية التي لا نري أن لها علاقة بوحدة الجيش من عدمه.

والسؤال البديهى: كيف طاوعتكم قلوبكم أن تضغطوا على مواطن مصري كان يري في نفسه أنه قادر على إخراج البلاد من أزمتها والعباد من ضيقهم وفقرهم، وكيف طاوعتكم قلوبكم أن تمنعوا الفريق سامي عنان من تعميق المسيرة الديمقراطية مهما كانت ضآلة شعبيته ومهما كانت سطحية أفكاره ومهما كانت هشاشة رؤاه، فقد كان يكفيه التمثيل حتى لو لم يكن مشرفا وكان يكفيه أن يضيف إلى ألقاب سيادته لقب "المرشح السابق لرئاسة الجمهورية".

الوحيد الذي يعرف جيدا أن انسحابه هو أكبر مكسب حققه في حياته هو الفريق سامي عنان الذي لم يعترك الحياة السياسية ولا يفهم فيها ولا يعرف الفارق بين الحلم والوهم، ولو تركتموه في المضمار لاكتشف قسوة ما تحمله الأيام له ليس من باب الخسارة الفادحة، ولكن من باب اكتشافه قدره الحقيقي في عالم السياسة فقد يكون للرجل تاريخ عسكري مشرف مثلما يكون هناك طبيب ماهر، وكلاهما لاعلاقة له بالعمل السياسي وسط الجماهير، وهو ذاته نفس السبب الذي دفع العبد لله للكتابة في ذات المساحة، تحت عنوان "الزم دارك وابكِ على خطيئتك"، وها هو قد أعلن أنه سيلزم داره ولكن بسيناريو أعجب من العجب !!
الجريدة الرسمية