رئيس التحرير
عصام كامل

كيف تنمو دولة تقترض نصف مليار كل صباح؟


مخطئ من يتصور أن الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية ستحقق فى دولة تقترض من البنوك المحلية يوميا نصف مليار جنيه لتلبية احتياجات شعبها، ومخطئ أيضا من يقول إن الرئيس لم يأخذ فرصته بعد وهو يمتلك كل زمام الأمور من الدستور والحكومة وحتى السلطة التشريعية التى آلت إلى مجلس الشورى بشكل مؤقت حتى انتخاب مجلس شعب جديد، فهل من المعقول أن تستمر حكومة فى تولى مسئولية دولة بحجم مصر وهى عاجزة عن توفير 500 مليون جنيه يوميا، وهل من الطبيعى أن تنفق دولة يحتاج شعبها للنمو ثلث موازنتها لسد فوائد الديون، والأخطر من ذلك هل فكرت الحكومة والنظام فى كيفية إدارة الدولة بعد نفاذ الاحتياطى النقدى الذى وصل لأدنى معدلاته هذا الشهر، كل هذا يدعونا نسأل ألا يوجد فى الحكم رجل عاقل يقول للرئيس مرسى مصر مقبلة على ثورة جياع إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية كذلك؟ ألم يحن الوقت لوقف هذا الصراع السياسى وإقالة قنديل وتشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على النهوض بهذا الاقتصاد الذى ينتظره مستقبل غامض فى ظل استمرار القمار السياسى بين جبهة الإنقاذ وجماعة الإخوان المسلمين، ألم يحن الوقت لوقف عمليات القتل والضرب والفوضى التى اجتاحت البلاد، والبدء فورا فى عمليات الإصلاح والنمو والبناء حتى تتحقق أهداف الثورة ويتحول هذا الكابوس السياسى إلى ربيع اقتصادى يستطيع أن يوفر للفقير حياة كريمة وأن يحقق للشباب العدالة والحرية التى ماتوا من أجلها، وأن ينهض بأوضاعنا الاقتصادية قبل أن تندلع ثورة الجياع ونجد أنفسنا أمام كارثة حقيقية لأن وقتها لن يوافق أحد على إقراضنا دولارا واحدا، وبالتالى تنهار الدولة وتتفاقم الأوضاع وتتحول ثورة الشباب إلى ثورة جياع يأكل فيها القوى الضعيف، فتنهار أسس الدولة وتعم الفوضى ويهرب الاستثمار الأجنبى وتعلن الدولة إفلاسها، ألم يحين الوقت لنتعلم من تجارب الآخرين فها هى الأرجنتين تعيش أزهى عصورها بعد أن استطاعت أن تتخلص من سيطرة أكبر نظام سلطوى قمعى فى العالم قتل نحو 30 ألف شاب وعذب الآلاف وقمع الحريات، لكن من أجل الأرجنتين تمت المصالحة، كذلك جنوب أفريقيا الدولة رقم 1 الآن فى القارة لدرجة أن العالم كله انبهر بنيلسون مانديلا الذى استطاع أن ينتشل بلادة من براثن الفقر إلى قمة الهرم، ألا يعنى كل ذلك أن الأمل مازال قائما وأن الحل يكمن فى المصالحة والمحاكمات العادلة لا فى القتل والتخريب والإقصاءات.


Makled10@yahoo.com
الجريدة الرسمية