رئيس التحرير
عصام كامل

كلية الزراعة ولقاء الأجيال


تقليد جميل ورائع أن يكون هناك ملتقى يتقابل فيه كل دفعات كلية الزراعة جامعة القاهرة من سنة 1950 إلى أحدث دفعة.. ويتقابل الجميع ويجتروا الذكريات وكأنهم ما زالوا في العشرينيات من عمرهم وما زالو يدرسون في سنوات الدراسة العادية في الكلية.. تتقابل الأرواح في احتفالية رائعة.. فمنهم من تخرج فى الكلية ولم يعمل في الزراعة وعمل بالفن مثل الفنان الكبير صلاح السعدنى الذي أصر على الحضور واعتلى المنصة وتحدث بحرية عن ذكرياته في الكلية عندما بدأ احتراف الفن وهو طالب في السنة الثانية وكان هو الطالب الوحيد في الدفعة، وحكى بخفة دمه المعهودة ذكرياته في الامتحانات حيث إنه كان غير متفرغ لذلك كان يجيب عن الأسئلة بالفهلوة ومع ذلك نجح بدرجة مقبول لإعجاب أساتذته به ولم ينس اسم أحد منهم وذكر كل منهم باسمه اعترافًا بفضلهم عليه ومحبته لهم.


وجمعت الاحتفالية رجال أعمال ساهموا في إحياء الزراعة من خلال مشاريعهم الزراعية الكبيرة في مصر وهم بالطبع من خريجى الكلية وتم تكريم أقدم وأحدث خريج وتوزيع الأوسمة على المتميزين من الخريجين.

ولكن ما لفت انتباهى هو الطلبة الذين ما زالو يدرسون في سنوات الكلية المختلفة وحرصهم على المشاركة وتقابلهم معنا جميعًا والتعبير عن مخاوفهم بعد التخرج من عدم إيجاد فرصة عمل وطلبوا منا النصيحة.

فأنا أكثر الموجودين تفهمًا لما يعانوه ويفكرون سلبيًا فيه لأننى مررت بكل التجارب المتوقعة فنصحتهم بالمثابرة وعدم الإحباط وكثرة التعلم ودراسة سوق العمل ووجوب تجهيز أنفسهم لمرحلة ما بعد التخرج.

بالرغم من أن الكلية بفضل عمدائها المتميزين وبمساهمة رجال أعمل عرب ومصريين أصبحت تعتبر من الكليات العالمية المعترف بها إلا أنه ما زلنا في مصر غير قادرين على استثمار طاقات الشباب والخريجين وربط ما يتعلمونه ويدرسونه في الكلية بسوق العمل.

ورغم المؤتمرات وانشغال العمداء المتعاقبين على الكلية بهذه المشكلة إلا أنها لم تجد حلًا عمليًا يستوعب كل الطلبة.

هؤلاء الطلبة كنز كبير يجب استيعابه وتوجيه طاقاته لصالح الزراعة في مصر.. فهناك من المشاريع الكبيرة والعملاقة ما تحتاج إلى أضعاف عدد خريجى كليات الزراعة كلها ولكن يجب أن يكون هناك سياسة للدولة وللنقابات المهنية الزراعية على ربط الدراسة بالكليات بما يحتاجه سوق العمل الفعلى بل لابد من خلق الاحتياج عند أصحاب المشاريع العملاقة لهؤلاء الطاقات من الطلبة لتوظفهم واستغلال قدراتهم العلمية والعملية لصالح الوطن ولو كان هذا من خلال مشاريع قومية ستكون الاستفادة أعظم.

الزراعة في مصر مازالت وستظل هي العمود الفقرى لاقتصادها وقد تراجعت مصر إقتصاديا ً عندما تراجعت وتخلفت زراعيًا.

فماذا لو أصبحت الكلية بلا أقسام بحيث يدرس الطالب علوما لها علاقة مباشرة بالزراعة الفعلية ويتعلم كيف يصبح مدير مزرعة أو يقوم بإنشاء مزارع كل حسب تخصصها وتكون الأقسام لراغبى الدراسة البحثية فقط.

فالدولة تحتاج لتجميل وزراعة الأسطح ومزارع نباتات الزينة وزراعة الأنسجة ومزراع الدواجن ووظائف كثيرة تنبثق من هذه المشاريع يمكن أن تستوعب كل الطاقات البشرية ليس في مجال الزراعة فقط بل في كل المجالات المختلفة، فالزراعة تخلق مجتمعات كاملة بجوارها لو درست بالطرق العلمية الصحيحة وزرعت الصحراء وتوزع السكان على الرقع الجديدة ولو فكر من يدعون حبهم لمصر لأصبحت مصر من أعظم الدول في العالم اقتصاديًا.. ولكن هناك منا ومن خارجنا لا يريد لنا السلامة.. لك لله يامصر حماك الله ورعاك.
الجريدة الرسمية