رئيس التحرير
عصام كامل

"تسريبات" الجبنة والبسطرمة !!


الحديث عن موضوع التسريبات الصوتية والمرئية، يتزايد من يوم إلى آخر؛ وذلك بعد انتشار هذه الظاهرة بشكل غريب، وربما يكون صادمًا في بعض الوقت.. وللأسف الشديد، نجد أنفسنا منقسمين حول أنفسنا بسبب هذه التسريبات.. فهناك من يتخذ هذه التسريبات مبررًا للدفاع عن وجهة نظره في موضوع ما، وهناك من يتخذها للهجوم على وجهة نظر مناهضة له.. وما بين هاتين المجموعتين نجد من يسمون أنفسهم بالنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، يظهرون ثائرين غاضبين بسبب بعض هذه التسريبات، ومتجاهلين بعضها الآخر، وكأنهم يثبتون لنا كل يوم بأنهم فعلا، لا يدافعون عن حقوق الإنسان، بل يدافعون عن أشياء أخرى أخجل من ذكرها.


ومثل كثيرين غيري، أجد نفسي مجبرًا على سماع بعض هذه التسريبات تارة، وتجاهلها تارة أخرى، والتفكير في بعضها والتفحيص الدقيق في البعض الآخر، ولكن فى - النهاية- أجد نفسي وصلت إلى نتيجة واحدة وهي تتلخص في عدة تساؤلات.. من قام بتسريب هذه التسريبات ومن يقف وراءها ؟.. ولماذا خرجت في هذه التوقيتات ؟.. ولماذا أصبحنا نستسلم لهذا الكم الرهيب من التسجيلات المسربة، وكأنها أصبحت شيئًا عاديًّا يجب أن نتعود عليه.. فلا رابط ولا ضابط، ولا قانون يحمي الخصوصيات.. فالكثير من هذه التسجيلات خاصة جدا، والكثير منها أيضًا عام جدا، ولكن يدخل في إطار الخاص.

فمثلما تعودنا خلال السنوات الثلاثة الماضية، على مشاهدة مناظر القتل والعنف والتفجيرات، بل والتأكد من الخيانات للبلد للكثيرين ممن كانوا يقولون عن أنفسهم بأنهم عاشقون لتراب مصر، أصبحت متخوفًا من التعود أيضًا على موضوع التسريبات على أنه عادي.. وكما ذكرت الفنانة سحر نوح، وابنة الفنان الشهير الراحل محمد نوح، على صفحتها:" بأنه فاضل شوية تسريبات لمكالمات طلبات السوبر ماركت ونتكلم عن كميات الجبنة والبسطرمة والزيتون وأبو بذرة والمخلي وأديها تسريبات واديها فضايح ".

وأزيد على كلام الفنانة سحر نوح، بأن موضوع التسريبات إن لم يتم ضبطه بشكل قانوني سليم 100 % ، من الممكن أن نصل إلى وضع مخزي للغاية، ويصبح فيه الحديث عن أسرار البيوت الخاصة لأي شخص شيئًا عاديًّا.. فكما يقول المثل:" يا رايح.. كتر من الفضايح ".

وربما تكون التكنولوجيا الحديثة هي السبب في سهولة انتشار موضوع التسجيلات والتسريبات، وربما تكون أيضا حالة عدم الاستقرار والتخبط التي تعيشها مصر منذ ثلاث سنوات؛ هي السبب، ولكن مهما كانت الأسباب، ومهما زادت المبررات، ومهما بلغت الصراعات والخلافات إلى مداها - فأنا ضد أي تسريبات لأي شخص دون أن يكون ذلك تحت مظلة قانونية، وأن يكون مرتبطًا بالشأن العام وليس الخاص..

وهنا لن أتحدث بالشعارات الرنانة الزائفة التي يرفعها الحقوقيون بالتركيز على ما يسمونه بحقوق الإنسان، ولكن سأقول بكل تلقائية:" أين الضمير الإنساني ؟ ".. فالضمير أكبر من استغلال حقوق الإنسان في الدفاع أو الهجوم عن تسجيلات وتسريبات لشخص ما أو مجموعة ما.. فالمبادئ لا تتجزأ.. وفي نفس الوقت خيانة الأوطان لا تسامح فيها.. ولكن أيضًا خصوصيات الناس التي ليست لها علاقة بالشأن العام، ولا سند قانوني وقضائي لها، لا يجب التهاون فيها بهذه السهولة، وبكل هذا الكم من الفضائح..!!
Gebaly266@yahoo.com
الجريدة الرسمية