رئيس التحرير
عصام كامل

تاني.. ازدراء الاديان!


الحبس خمس سنوات وكفالة 1000 جنيه لم تكن من نصيب قاتل أو سارق أو فاسد لكنها كانت من نصيب مفكر محترم قرر أن يناجي ربه ويطرح اسئلة تشغل تفكيره هو وربما البعض غيره، حول الله خالق الكون ووضع تلك الأفكار في رواية بعنوان "أين الله" ليواجه تهمة ازدراء الاديان، وينال الروائي "كرم صابر" بسببها هذا الحكم القاسي.


وبالرغم من أن ثورة يناير والتي شارك بها أكثر من 20 مليون، ثم ثورة 30 يونيو والتي شارك بها 33 مليون مصري كانت أهم مبادئهم هي "الحرية" والتي تشمل بالطبع حرية الفكر والعقيدة، فإنها وطبقًا لتقرير صادر عن "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، هناك 48 حالة ملاحقة أهلية وقضائية بتهم "ازدراء الاديان" منذ يناير 2011 وحتى نهاية 2013، وفي الوقت الذي كانت فيه عدد تلك القضايا ثلاثة فقط عام 2011 ارتفع عام 2012 إلى 12 قضية، واخيرًا ثلاثة عشر قضية عام 2013 بينما انتهت الملاحقات الاخري بعقاب عرفي أو عقاب من جهة العمل.

وتُعتبر تهم "ازدراء الاديان"، ومعها تهمة "ازدراء الرئيس" مقياس لإستبدادية أي حكم وتخلف أي مجتمع. ودميانة عبد النور المدرسة الفقيرة اخذت حكمًا ب 100 ألف جنيه غرامة. والمدرس الشاب بيشوي كميل والذي يقضي 6 اعوام من سنوات شبابه خلف اسوار السجن. ومعهم البير صابر والذي اخذ حكمًا بالسجن ثلاث سنوات وغيرهم هم وسيلة إدانة وعار على المجتمع.

والأمر لا يقتصر فقط على اتباع الاقلية من غير دين الاغلبية سواء كانوا اقباط أو شيعة أو لادينيين ولكن هناك مسلمين سنة يتم ملاحقتهم بالتهم ذاتها، وما حدث مع الكاتب كرم صابر" وفي قضية التفريق بين الدكتور نصر حامد أبو زيد وزوجته د. ابتهال يونس في قضايا ازدراء دليل على هذا. للاسف قضايا يتم رفعها من غير ذي صفة ممن يعتبرون انفسهم حماة الاديان وسط صمت حكومي من كل الانظمة يصل إلى التواطئ ويؤكد على تعصب تلك الانظمة.

احكام تدل على واقع خطير، أنه قم بالثورات واسقط الانظمة وغيٌر الدساتير وضع بها مواد تحمي وتصون حرية الفكر والعقيدة والابداع كما شئت ولكن الحقيقة أنه لا يحكمك دستور 2014 ولا حتى دستور 2012 الإخواني، ولكن يحكمك قانون "محاربة العقل" الذي اسسه "المعتد العباسي" ابان القرن التاسع الميلادي أي منذ اثني عشر قرنا.

التاريخ يقول أن المجتمعات الإسلامية حدث لها توقف حضاري تام منذ القرن الحادي عشر عندما تم تكفير الحسن بن الهيثم وابن سينا والرازي بعد وضع الخطوط الفكرية الحمراء للفكر الإسلامي وخرجت كتابات الغزالي وابن تيميه والتي كفرت حرية التفكير والفلسفة

التاريخ يقول أن الكنيسة لم تتأثر بأفكار "ستيفن هوكنج" أو بأفكار "اريوس" وغيرهم من اصحاب الفكر المختلف والطاعن فيها، ولكنها تأثرت بسلوك بعض المتدينين حينما عملت الكنيسة في السياسة وأقامت محاكم التفتيش انقسمت الكنيسة الكاثوليكية وظهرت الطائفة البروتوستانتية على يد مارتن لوثر وانقسمت لكنائس كُثر بعد ذلك.

ازدراء الاديان الحقيقي هو أن نضع الدين في موقف الضعيف الذي لا يقوي على فكر كاتب أو صفحات بكتاب، ازدراء الاديان الحقيقي هو في حصار التفكير ووضع اشخاص خلف قضبان بسبب ارائهم الحرة بعقولهم التي خلقها لهم الخالق.
الجريدة الرسمية