رئيس التحرير
عصام كامل

التأميم "هو الحل".. مدارس الإخوان تجند الأطفال بمناهج "الرشاد".. أسيوط تأمم مدارس الجماعة وتطلق عليها اسم "30 يونيو".. الدقهلية تكتفي بالإشراف المالي والإداري.. وبني سويف تعزل مجالس الإدارة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

«أنا أو الطوفان».. قاعدة ذهبية أعلنتها جماعة الإخوان الإرهابية، عاشت سنوات مديدة وعاصرت أنظمة وحكومات لكنها لم تغير عقيدتها، وكان أسلوب السيطرة على النشء وغرس قواعد وعقائد الجماعة في نفوس الصغار من خلال المدارس خطوة مهمة لتنفيذ مخططها بعد أن استغلت جماعة الإخوان ثغرات السياسات المهلهلة للتسرب إلى المنظومة التعليمية لضخ وترسيخ مبادئها وعقائدها للأطفال.


الجماعة برعت في تنفيذ ما رمت إليه عن طريق سلسلة من المدارس الخاصة التي شرعها القانون لتربية تلاميذها على مبادئ وأهداف الجماعة بما فيها تعليمات وسلوكيات أبرزها السمع والطاعة وتقديس قيادات الجماعة لاتخاذ ما تسعى إليه من مؤيدين تستطيع تربيتهم في الإطار الذي تريده.

ففى محافظات مصر انتشرت مدارس الإخوان وبين أسوارها أدخلت الجماعة عن طريق أعضائها مناهج خارجية عن المقررات التعليمية، وتدريبات قتالية، واستقطابا وغسيلا لأدمغة أطفال بغية تجنيدهم، وتطور الأمر أكثر وأكثر في السنوات الأخيرة وبرز أكثر بعد سقوط نظام مبارك وتشعب الجماعة داخل مؤسسات الدولة، حتى أنها أرادت خلال حكم المعزول محمد مرسي تغيير المناهج الدراسية بما يتوافق وأهدافها.

بعد 30 يونيو بدأت وزارة التربية والتعليم في مواجهة سرطان المدارس الإخوانية، عن طريق رصدها ومناهجها والعاملون فيها وتقييمها، إلى أن قررت تأميم بعضها وإغلاق البعض الآخر، وتحريم تدريس مواد دراسية معينة في بعض منها.

كانت تحركات محافظة أسيوط - إحدى أهم محافظات الصعيد بالنسبة للجماعة- آخر ما قررت وزارة التربية والتعليم التدخل لمواجهة مخالفات الإخوان في مدارسها، ومن ثم قررت تأميم 7 مدارس إخوانية وغيرت أسماءها إلى مدارس 30 يونيو، لكن للقصة من البداية تفاصيل أخرى.

ففى محافظة أسيوط، مجموعة من المدارس الخاصة، تتبع إداراتها لجماعة الإخوان «المحظورة»، عن طريق الجمعية الإسلامية للدعوة وتنمية المجتمع، بدأت بمدرستين هما « الأرقم وحراء»، حتى وصل عددها في 2013 الماضى إلى 7 مدارس هي «دار الفردوس» حضانة، و«دار الأرقم» - ابتدائى بنات، و«دار الأقصى» - ابتدائى بنات، و«دار الأندلس» - إعدادى وثانوى بنات، و«دار حراء» ابتدائى وإعدادى وثانوى بنين.

لم تكن الجماعة تأمن على مشروعها المقدس إلا من خلال قياداتها فأسندت إدارة مدارسها في أسيوط لـ «وفاء مصطفى مشهور» - القيادية بجماعة الإخوان وعضو مجلس الشورى المنحل، وابنة مصطفى مشهور المرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان المحظورة..

أما المناهج الدراسية فكان أهمها "كتاب الرشاد" الذي يتناول السيرة الذاتية لشهداء حركة المقاومة الإسلامية حماس وجناحها العسكري «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري للحركة.

ومن أهم الشخصيات الموجودة داخل الكتاب الشهيد عبد العزيز الرنتيسي- أحد مؤسسى حركة المقاومة الإسلامية حماس، وقائد الحركة في قطاع غزة، والشهيد محمود أبو هنود- أحد أعضاء كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة، خلال الغارات الإسرائيلية، كما تناول الكتاب غرس قيم السمع والطاعة لأولى الأمر ولقادة مكتب الإرشاد باعتبارهم المثل والقدوة لهم.

وزارة التربية والتعليم، من جانبها، بدأت في إصدار قراراتها لمواجهة تلك المخالفات بسحب كتاب الرشاد من جميع مدارس الإخوان بالمحافظة، والإبقاء على المناهج الدراسية التي أقرتها الوزارة..

ثم قررت تغيير جلد مدارس الإخوان بمختلف مسمياتها وأعلنت اسمها بمدارس 30 يونيو، كما قررت تشكيل مجلس إدارة جديد للمدارس برئاسة الدكتور محمد يسرى حامد الأستاذ بكلية الطب جامعة أسيوط، وعبد التواب عبد اللاه- أستاذ بكلية التربية جامعة أسيوط نائبا للرئيس، ومحمد فوزى سيد مديرا عاما للمدارس.

أما في محافظة الدقهلية، فقد تجاهلت مديرية التربية والتعليم المطالب بوقف نشاط تلك المدارس، واكتفت فقط بالإشراف المالى والإدارى على المدارس، بعد تدخل القيادات الإخوانية بالمديرية لوقف تنفيذ قرار التأميم.

فالجماعة تملك مدارس الهدى والنور الواقعة في تقسيم الشوادفى بشارع الهدى والنور بمنطقة مجمع المحاكم بالمنصورة، وهى مكونة من 3 مبان: الأول للإدارة وهى مشتركة حتى 3 ابتدائى، وآخر للبنين، وثالث للبنات، وينتمى جميع العاملين والمدرسين والإداريين بالمدرسة إلى جماعة الإخوان وهذا شرط أساسى لقبولهم بالمدارس، والنساء فيها يرتدين الخمار والجلباب أما الرجال فيرتدون البدل، ولا يسمح بدخول أي شخص إلى داخل المدرسة حتى أولياء الأمور.

وكان يدير المدرسة رئيس مجلس الإدارة المهندس إبراهيم أبو عوف- أمين حزب الحرية والعدالة- الذراع السياسية للجماعة المحظورة والمقبوض عليه حاليًا، وتديرها حاليا زينب الشاطر شقيقة خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للجماعة المحظورة والمحبوس حاليًا على ذمة قضايا بالتحريض على القتل.

من جانبه، أكد صلاح أبو العينين، رئيس اللجنة النقابية للتعليم والبحث العلمى بالدقهلية أن التربية والتعليم بالدقهلية لم تحكم قبضتها على مدارس الإخوان، رغم الشكاوى الكثيرة منها، مؤكدًا أنهم رفضوا السماح للطلاب بالتحويل بحجة الكثافة في الفصول والمدارس، موضحًا أن الإخوان يختارون المدرسين على أساس انتمائهم للجماعة والفقر وذلك ليشتروهم بمرتبات تعتبر بالنسبة للمدرسين خيالية، ولكنها لا شىء للإخوان.

وأضاف بقوله: المدرسة لم تخضع للتأميم بل اكتفت مديرية التربية والتعليم بالدقهلية بوضعها تحت إشراف التوجيه المالى والإدارى ولم تتخذ أي إجراءات ضد المخالفات بالمدرسة، وأضاف «قاموا بالسماح لهم بأخذ أموالهم الموجودة بالبنوك في حساب المدارس ولا يوجد أي رصيد مالى حاليا لتلك المدارس، فهى دون رصيد بالبنوك، وأضاف: كذلك تجاهلت التربية والتعليم الإشراف على المناهج التعليمية والإدارة المعين بها 100 % من المنتمين لجماعة الإخوان.. أما في الإسكندرية فقامت مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية بتأميم مدارس المدينة المنورة بمنطقة السيوف، والتي يمتلكها نائب المرشد الهارب بإنجلترا جمعة أمين»، وأدى هذا الأمر إلى مظاهرات من أولياء الأمور والطلبة الذين قاموا بتشكيل مجلس إدارة معظمه ينتمى للتنظيم الإرهابي، وهو ما رفضته التربية والتعليم.

وهدد أهالي الطلبة بالمدارس بالاعتصام بأبنائهم داخلها إذا لم توافق الوزارة على مجلس الإدارة الجديد للمدرسة، مؤكدين أنهم أدخلوا أولادهم مدارس خاصة، وليس مدارس تابعة للحكومة.

ويرتاد مجموعة مدارس المدينة أبناء قيادات الإخوان وأعضاؤها المقتدرون من المهندسين وأعضاء مجلس الشعب السابقون، ومديرو الشركات ورجال أعمال الجماعة، أي أن هذه المدارس هي لصفوة الإرهابية ومقتدريها فقط.

أما عن المصروفات المدرسية فتبدأ من 5 آلاف جنيه للصف الأول الابتدائى وتصل إلى 20 ألف جنيه، والحجاب هو الزى الإسلامى للمدرسة، وتقوم المدرسة بشرح بعض تعاليم «حسن البنا» مؤسس الجماعة وبعض أفكاره، كما لا تعترف المدرسة بالمواد الموسيقية والرسم وتهتم أكثر بالألعاب والفنون القتالية وفنون الدفاع عن النفس.

أما في محافظة بنى سويف فتنتشر مدارس الدعوة التابعة لجماعة الإخوان بشكل ملحوظ، حيث تضم جميع المراحل من الروضة، والمرحلة الابتدائية بين عام ولغات، والإعدادية، وحتى الثانوية العامة، بالإضافة إلى مدارس الأوائل بشرق النيل.

أما المواد الدراسية فأهمها هو كتاب ‘‘الرشاد’’ أيضا، لكن الأمر المثير للجدل، أن كلمة ‘‘مصر’’ لم ترد في الكتاب سوى مرة واحدة، ولم تكن إلا بغرض الحديث عن فلسطين أيضًا، وذلك ضمن خريطة إيضاحية للدول المجاورة لفلسطين.

وبعد تطور الأحداث ودخول الجماعة صراعا دمويا مع أجهزة الدولة بعد عزل مرسي أصدر المستشار مجدى البتيتي، محافظ بنى سويف، قرارا، بعزل مجلس إدارة جمعية الدعوة الإسلامية التابعة لجماعة الإخوان ببنى سويف باعتبارها المسئولة عن سلسلة المدارس، وقرر تعيين محمد حسن محمد حسين، باحث أول قانوني، بمديرية الشئون الاجتماعية، مفوضًا للجمعية.

"نقلا عن العدد الورقي"
الجريدة الرسمية