رئيس التحرير
عصام كامل

السيد نيوتن.. صلاح دياب سابقًا


تطفو على سطح ذاكرتى هذه القصة كلما قرأت مقالا للسيد نيوتن بجريدة المصرى اليوم، وتعود وقائع القصة إلى منتصف تسعينات القرن الماضى حيث كان - ولا يزال - هناك رجل أعمال أمى لا يجيد القراءة والكتابة ومع ذلك كان يمتلك صحيفة رياضية بترخيص من المجلس الأعلى للصحافة وعندما أراد تحويلها إلى صحيفة سياسية اختار الراحل العظيم وحيد غازى عليه رحمة الله، رئيسا للتحرير الذي بدوره اختارنى معه كمساعد في هذه التجربة.


ولم أفهم شخصيا عندما طلب منى المرحوم وحيد غازى كتابة مقال رئيس مجلس الإدارة وبسذاجة تساءلت: ولماذا لا يكتب مقاله بنفسه؟ وكانت الإجابة ضحكة هستيرية من صديقنا الكاتب الكبير هشام طنطاوى الذي كان نائبا لرئيس تحرير جريدة الأحرار في ذلك الوقت، والذي أعقب ضحكته بقوله: لأنه ببساطة لا يجيد القراءة والكتابة.. قام زميلنا هشام بالمهمة وصدر العدد الأول واجتمعنا لمناقشته في حضور السيد رئيس مجلس الإدارة وصاحب المحل!!

المفاجأة الثانية عندما وجه رئيس مجلس الإدارة سؤاله للمجتمعين: ما رأيكم في مقالي ؟!! وكانت الإجابة همزا ولمزا ونظرات من تحت لتحت إلى أن قال زميلنا هشام - وهو كاتب المقال - يا له من مقال عميق.. رشيق.. رائع.. مثير! وكان بالطبع من حق هشام أن يتغزل في مقاله، وكان من حقنا أن نتابع بخجل لم يشعر به رجل الأعمال صاحب الصحيفة.

الحالة في «المصرى اليوم» تختلف وتتشابه إلى حد التطابق مع المطار السرى أيام عبد الناصر.. القاصى والدانى يعلمان أن صاحب مقال نيوتن هو المهندس صلاح دياب، ومع ذلك لا يزال يصر على الكتابة باسم مستعار والطريف أيضا أن الجماهير العادية الآن أصبحت تعرف دبة النملة قبل أن تقرر النملة نفسها «دب» قدمها في الأرض، والجميع أيضا يعرفون من يكتب لسيادته فالرجل لديه من المهام الثقال الكثير، ويكفيه أن يشير إلى أحد أصدقائه في المصرى اليوم بالفكرة وللصديق على صديقه ثلاثة أمور تعرفونها جيدا قبل أن أعرفها.

للصديق على صديقه أن يكتب له مقالا شريطة أن يعبر بدقة عنه، وللصديق على صديقه ألا يبوح لأحد بأنه يكتب لصديقه المهندس صلاح دياب، وآخر ما للصديق على صديقه إذا سئل من نيوتن؟ فلتكن الإجابة: الله أعلم ورئيس التحرير والمحررون!!

والمتابع لكتابات السيد نيوتن.. صلاح دياب سابقا يدرك أن قلمه تغير في أكثر من مرة وذلك ليس من باب أن الكاتب نيوتن يتطور التطور الطبيعى للكاتب، فيمر بمرحلة ولادة ثم مراهقة ثم نضج وإنما يأتى تطور سيادته مؤكدا لواقع أن كُتاب المهندس صلاح دياب كُثر وقد قيل من المقربين إلى رجل الأعمال صلاح دياب إنه صاحب أفكار نيرة فهو يستدعى كاتبه ويحرص على تأكيد الفكرة ويبذل جهدا كبيرا في توضيحها ومجهودا أكبر في قراءتها بعد النشر!!

وللحق فإن الرجل نجح في إصدار صحيفة مهمة ولأهميتها يصبح لزاما عليه إن أراد أن يكون كاتبا فليكتب باسمه دون خوف أو خجل ومهما كان أسلوبه ضعيفا أو حتى ركيكا فإن الأفكار هي التي تعيش بعد انتهاء عصر المحسنات البديعية وظهور عصر «رص الكلام»، على طريقة «الفرانكو أراب» خاصة أن دواعى الكتابة بأسماء مستعارة قد انتهت إلى الأبد لدرجة أن أحد زملائنا يكتب باسم مستعار في إحدى الصحف مع نشر صورته الحقيقية فوق الاسم المستعار!!

ربما تكون مخاوف دياب تكمن في أن التخلص من نيوتن وظهور شخصيته الحقيقية مكلفان بعض الشيء، إذ إن التخفى خلف نيوتن قد يكون نابعا من نظرية هؤلاء الشباب الذين يرتدون قناع فانديتا اقتداء بالفيلم السينمائى المثير الذي تمارس فيه جماعات فانديتا كل شيء دون الوصول إلى ملامحهم، وقد يكون السبب أن يظل الرجل هو الجماعة المرجعية الوحيدة لمن أراد أن يعترض أو يتحاور مع المصرى اليوم.. يبقى دياب بعيدا عن المواجهة المباشرة خاصة لو كان الشاكى ضد نيوتن شخصيا.

خلاصة القول.. إن استمرار بقاء قناع نيوتن لا يتناسب مع جرأة وشجاعة رجل الأعمال صلاح دياب خاصة أن الجميع يعلم أنه صاحب المصرى اليوم ويديرها بمفهوم المالك الحر فيما يملك، وقد كان نجاح المصرى اليوم مرهونا بالقيام بدورها كصحيفة مستقلة وليس كما يتصور دياب نفسه كصحيفة خاصة والفرق بينهما هو ذاته الفرق بين النجاح والفشل وهو نفسه الفارق بين محل بقالة ونافذة إعلامية!!
الجريدة الرسمية