رئيس التحرير
عصام كامل

حكايتي مع "الفراولة" في برلين..!!


شاءت الأقدار أن أعود للمرة الثالثة في مهمة عمل إلى أوربا وفي هذه المرة إلى برلين عاصمة ألمانيا مع هيئة السياحة القطرية المشاركة في بورصة برلين العالمية للسياحة.. ومثلما لفت نظري الكثير والكثير في رحلاتي السابقة إلى لندن وهولندا وبلجيكا شاهدت ولاحظت أيضا الكثير والكثير في برلين طوال 10 أيام قضيتها هناك.


لن أتحدث عن النظام والدقة في العمل لكونهما معروفين مسبقا عن الشعب الألماني ولن أكرر ما قيل من كثيرين عن النظافة التي يتمتع بها هذا البلد ولن أقول كلاما ربما لا يصل بنفس درجة مشاهدتي له عن جمال البلد ورونقه وحضارته رغم أنه كان قد دمر بالكامل في الحرب العالمية الثانية.. لكن سأتحدث في هذه المرة عن موقف غريب شاهدته بعيني وحدث أمامي وأصابني بالذهول.. فعندما كنت في أحد المولات الصغيرة أبحث عن خط تليفون ألماني وعندما كنت أتحدث مع السيدة التي كانت تجلس على " الكاشير " فوجئت بمن يأتي أمامي ليضع قطعة واحدة من فاكهه الفراولة أمام هذه السيدة يطلب منها معرفة سعرها لكي يحاسب عليها.. هذا والله ما حدث..

قطعة واحدة من الفراولة دخل رجل كي يشتريها من هذا المول وهو لا توجد عنده أي مشكلة ولا توجد عند من حوله أي مشكلة.. الوحيد الذي كان مذهولا هو العبد لله.. مذهولا لأن المقارنة حضرت إلى ذهني على الفور.. المقارنة بين ما نحن فيه وما هم عليه.. وبعد فترة من السرحان والمقارنات والابتسامات بيني وبين نفسي توصلت إلى نتيجة مهمة للغاية وهي أن قوة اقتصاد أي بلد تبدأ من هذا المواطن الذي لم يخجل في شراء قطعة واحدة من الفراولة رغم أنه يملك شراء 10 كيلو على الأقل.. لكن لماذا يشتري أكثر من الذي يحتاجه؟.. فهو حدد ما يحتاجه بقطعة واحدة فقط.. فلم يتردد في شرائها.

قد يظن البعض أنني أبالغ في هذا الكلام ولكن هذه هي الحقيقة.. هذه الحقيقة التي أكدت لي أن هذه الدول متقدمة في كل شيء بسبب مثل هذه التصرفات التي تبدأ من المواطن نفسه.. فكيف ينمو وطن ويقوى اقتصاد بلد دون مشاركة من المواطنين؟.. ورغم أن الاقتصاد الألماني معروف عنه أنه من أقوى اقتصاديات العالم ودخل الفرد هناك مميز للغاية بالمقارنة بدول أوربية كثيرة إلا أن هذا لا يكون مبرر للتبذير أو الإسراف أو " الفشخرة " دون أي داع.

فمتى سيكون عندنا نظام وقانون واقتصاد قوي؟.. أعتقد عندما نقتنع بأن ما فعله هذا الرجل الألماني هو الصح.. فهل سيأتي اليوم لنكون مثل هؤلاء.. أم أننا سنعيش كثيرا على الأوهام والشعارات الكاذبة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ؟!!
Gebaly266@yahoo.com
الجريدة الرسمية