"مناهج حقوق الإنسان" وحقيقة الأزمة بين حكومة حماس و"الأونروا"
جمدت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الأونروا تدريس منهاج حقوق الإنسان في مدارسها في غزة. قرار جاء بعد جدل مع حكومة حماس التي اتهمت الأونروا" بإقرار منهاج يتعارض مع ثقافة وحقوق الفلسطينيين"
وفق اللقاءات التي أجرتها DW عربية لم يبدو أي حل في الأفق بشأن الخلاف والجدل الواسع الذي نشب مؤخرا بين حكومة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، ووكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) حول منهاج حقوق الإنسان الذي تراجعت الوكالة مؤقتا عن تدريسه في مدارسها لمراحل الصف (السابع - الثامن- التاسع)، والتي على إثرها سُحبت كُتب المناهج من كافة مدارس الأونروا. وزارة التعليم في حكومة حماس اتهمت الأونروا بإقرار مناهج غير مرخصة في مدارسها دون التشاور معها أو موافقتها، فضلا عن أنها "تمسح ثقافة أجيال الطلبة الفلسطينيين بوطنهم وقضيتهم وترسخ ثقافة المقاومة السلمية كحل للصراع، وتُنفر الطلبة من المقاومة".
اتهامات نفاها لـDW عربية المتحدث باسم الأونروا. في السياق منظمات حقوقية اتهمت الأونروا بزج اسمها في المشاركة والموافقة على منهاج حقوق الإنسان، دون علمها. وبمقارنة سريعة بين منهاج الأونروا (محور الخلاف) مع منهاج المدارس الحكومية نجد اعتماد الأخير على " ترسيخ المقاومة وحق العودة والثوابت الفلسطينية"
تشويه قضية اللاجئين
وزارة التربية والتعليم في حكومة حماس تعتبر منهاج حقوق الإنسان لطلبة مراحل الإعدادية الثلاثة "لا تنسجم مع ثقافة المجتمع الفلسطيني، وتهدف إلى غسل دماغ الطلبة الفلسطينيين". وفق تعبير بيان لها.
ويضيف هنا الدكتور زياد ثابت وكيل وزارة التربية والتعليم في حكومة حماس أن قرار المنع جاء بعد لقاء وزير التعليم في حكومة حماس مع مدير الأونروا في غزة روبرت تيرنر.
ويؤكد د.ثابت أن الوزارة تفاجأت بتوزيع الأونروا "كتب مشوهة" دون استكمال تعديلات وتراخيص. إلا أنه أشار إلى تشكيل لجنة مُشتركة بين الأونروا والحكومة لمتابعة التعديلات اللازمة.
ويضيف المُدرس في مدارس الأونروا محمد عبد الستار لـDW عربية أن محتوى المنهاج "متُجاهل للشخصيات الفلسطينية المُناضلة عبر التاريخ الفلسطيني". مؤكدا أن المحتوى "تشويه لقضية اللاجئين ويُبين الشعب الفلسطيني بأنه فر من دياره دون الإشارة إلى المجازر والتهجير الإسرائيلي القصري للفلسطينيين"
التركيز على حقوق الإنسان في بلاد وشعوب أخرى
يبدو أن سيل النقد لمنهج حقوق الإنسان لم يقتصر على صُناع القرار، بل وصل إلى الطلبة. أريج، طالبة في الصف الثامن الإعدادي، تُعبر لـDW عربية عن استغرابها من دراسة تاريخ مقاومة بلاد وشعوب في جنوب أفريقيا والهند، دون الإشارة إلى مشروعية المقاومة الفلسطينية.
ويشاركها الرأي الطالب عثمان أبو مصطفى الذي يقول: "لا يحتوي المنهج على نضال النساء والأطفال والقيادات الفلسطينية المعروفة لدينا ". إلى ذلك د. عمير الفرا أستاذ الإعلام السياسي في جامعة فلسطين يؤكد أن المنهج يُثير التساؤل، "لأنه يتجه إلى رؤية النضال السلمي دون استخدام المقاومة المسلحة المشروعة". مضيفا "غاندي ومارتن لوثر وروزا باركي وانتفاضة السويتو والابارتيد هي الشخصيات والأحداث التي اعتمد عليها منهج الأونروا متجاهلا الشخصيات الفلسطينية تماما".
منظمات حقوقية.." لم نشارك بالمنهج ولنا تحفظاتنا ومستعدون للمشاركة
مع الأسف لم يتم من قريب أو من بعيد استشارتنا ولم تُعرض علينا مواد المناهج للمرحلة الإعدادية في مدارس الأونروا".هكذا يقول لـ DW عربية خليل شاهين المدير في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
مضيفا أن" المناهج شابها العديد من المصطلحات الغريبة فلسطينيا عن تاريخ الشعب الفلسطيني ونكبته ونضاله". واعتبر شاهين مناهج الأونروا " إساءة للتاريخ الفلسطيني". في الوقت ذاته كشف شاهين عن احتجاج رسمي مكتوب أُرسل للأونروا من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومراكز حقوقية أخرى عبروا عن امتعاضهم بالزج بأسمائهم على كُتب المناهج.
مشيرا إلى مراحل مناهج في السنوات السابقة كانت ناجحة " لأن الجميع انخرط وشارك فيها ". وأبدى شاهين استعداد وجاهزية مراكز حقوق الإنسان للمشاركة من جديد في إعداد مناهج حقوق الإنسان
الاونروا.."ملتزمون بتدريس مناهج الدول المُضيفة
في مقابل الاتهامات والجدل حول مناهج حقوق الإنسان، نفت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) هذه الاتهامات. وقالت "مناهجنا تنسجم مع ثقافة المجتمع الفلسطيني ولا تتعارض مع عادات وتقاليد الشعب الفلسطيني". مشيرة إلى أن منهاج حقوق الإنسان" يتم بالتشاور مع كافة مكونات المجتمع الفلسطيني ولا يوجد ما يمس ما تم الادعاء به".
ولم يتبلور ملامح اتفاق ما بين اللجنة المشتركة من وزارة التعليم والاونروا. وفق المستشار الإعلامي للاونروا عدنان أبو حسنة الذي أكد لـ DWعربية أنه "لاتراجع عن تدريس مناهج حقوق الإنسان ". وتابع أبو حسنة:" دعنا مما سبق..نحن ملتزمون بتدريس مناهج الدُول المُضيفة".
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل