خطيب الجمعة وصفات غائبة
اللقاء الأسبوعى الذي يجتمع عليه الناس فى وقت محدد.. ينتظرون أن تشبع روحانياتهم بالقرب من الله والتذكير بما أمر الله به وما نهى عنه، ذلك الحديث الذي يزرع فيه الإمام الأفكار والقيم أو الأخلاق منذ الصغر في الأبناء والكبار أيضا.
وهذا اللقاء المتوقع منه أن يستفيد منه الحاضرون بما يعينهم على الحياة وبث الأمل في الحدود والنواهى وزرع الرغبة للعمل ومراعاة الله والضمير وكل الصفات التي حثت عليها الأديان في الكتب السماوية.
أساس كل لقاء هو بالتأكيد المتحدث للناس والمراد منه أن يكون عند حسن المستمعين فيه وأن يراعى أن تكون فيه مهارات لا توجد عند الكثيرين من خطباء المساجد هذه الأيام.. إذ يعتبرون أن كل من قال الله وقال الرسول فهو عالم وخصوصا في المساجد الأهلية التي لا تشرف عليها الوزارة وتتركها للناس يخطبون لبعضهم البعض الخطب التي تروق لهم دون رقيب.
النتيجة أننا نرى ما نرى من تطرف وانهيار في مقاييس التفكير واختلالها بناء على ما تلقاه الناس من علم ومعرفة زائفة قائمة على ارتفاع الصوت والكلمات الرنانة مع خلطها بالآيات القرآنية الشريفة والأحاديث النبوية الصحيحة التي تضفى على الحديث المصداقية وعليه يكون رد الفعل الحماسى من الناس هو تنفيذ ما أوحى به الخطيب إلى المستمعين لأنهم مأمورون بالاستماع والإنصات إليه.
صادفنى الحظ أن أصلى في أحد المساجد القروية على الطريق الزراعى، وعندما حضرت الخطبة وجدت نصف الخطبه تركزت على الدعاء وتنفث مشاعر تملأ الخطيب من ضيق وأسى وألم وانتظرت أن أتلقى منه ما نسانى زمانى من قيم الدين وأخلاقياته التي نفتقر إليها اليوم بشدة.
إن الاجتماع الأسبوعى الذي يجتمع فيه بعض الناس قد تحول إلى وقت فراغ نرى فيه من ينام والخطيب يتكلم ويصرخ دون أن يسمعه أحد، ونرى من الناس من لا يحضر الخطبة من الأساس لأنه لا يتوقع فيها أن تزيد له في علمه شيئا وأن وجوده مثل عدمه، أو أن الطاقة السلبية التي تسيطر عليه في يوم إجازته ستفسد له يومه مع أسرته ومن الأفضل أن يصلى فقط ويكتفى بذلك ويذهب سريعا.
إن حسن اختيار الخطيب واختيار الموضوع ودراسة طبيعة المستمعين واهتماماتهم قبل أن يتكلم أمامهم لهو أساس كل خطبة ناجحة، تجمع ولا تفرق، تهذب الناس ولا تفسدهم، تصلح حال المجتمع ولا تترك أثرا سلبيا في النفوس.