رئيس التحرير
عصام كامل

انفجار كلية البنات


ليست صدفة أن تنفجر عبوة ناسفة بجوار مقر كلية البنات للآداب والعلوم والتربية بمصر الجديدة في أول أيام الفصل الدراسي الثاني، رغم كل محاولات الحكومة المصرية وأجهزة وزارة الداخلية لإيهام هذا الشعب الطيب أن المسألة صدفة وأن الخطأ خطأ عامل عبث بجسم عبوة مُلقاة على الأرض، لكن التناقض وضح فور اكتشاف الأجهزة الأمنية عبوة ناسفة ثانية عثرت عليها إثر تمشيطها للمنطقة وتمكَّن خبراء المفرقعات من إبطالها! فكان من المتوقع حدوث مثل ذلك مع الأسبوع الأول لعودة الدراسة في المدارس والجامعات، وحذر الكثيرون من هذا، ولكن الأمر أصبح يمثل خللًا أمنيًا في مرحلة التحريات التي تسبق الحدث يجب على الأجهزة معالجته بأسرع وقت ممكن، لا أن تنتظر التعامل مع الحدث بعد وقوعه!


ومرت أيام على هذا الانفجار غير المدمِّر وما زالت أجهزة المباحث تكثف تحرياتها حول الواقعة لكشف ملابسات الحادث وهوية الجناة دون نتائج مُقنعة، على الرغم من أن النيابة العامة أمرت بسرعة إجراء تحريات المباحث والأمن الوطني والقبض على الجناة، لتنضم تلك الواقعة للعديد من واقعات الانفجار أو اكتشاف العبوات الناسفة دون تفسير توضيحي للأمر، وهو ما لمسته شخصيًا في اكتشاف قنبلة محلية الصنع بجوار منزلي بحي المهندسين منذ شهور دون أن يعلم الجميع حتى اللحظة تفصيلات المسألة والجناة، وكأن القدر يجمع المهندسين مع كلية البنات في هذا البلد الأمين، وأمام أعين وبصيرة الأجهزة الأمنية من جديد!

وقد هالني بحق خبر هذا الانفجار الذي يُنبئ عن احتمالات التطاول الإرهابي على ذلك الصرح التعليمي والتاريخي الشامخ أو غيره من بنايات التعليم المصري، ليس فقط لأن كلية البنات تعد من أقدم المؤسسات التعليمية الجامعية المتخصصة في التاريخ المصري، إذ ترجع نواتها الأولى إلى معهد التربية العالي للبنات المُنشأ في العام 1933م، مرورًا بضمه إلى جامعة عين شمس (إبراهيم باشا الكبير سابقًا) في العام 1950م، حتى تعدَّل كيانه من "معهد" إلى "كلية" مع صدور قانون تنظيم الجامعات في العام 1956م، وانتهاء بالاسم الحالي الذي تغيَّر في العام 1994م.

وليس فقط لما تمثله هذا الكلية ومنطقة المقر من ذكريات الزمن الجميل الذي لا يعود! وإنما لأن دورها التعليمي والتنويري من ناحية وانعزالها الجغرافي عن الحرم الجامعي لجامعة عين شمس من ناحية أخرى، كلها عناصر مُغرية للإرهاب والإرهابيين، خصوصًا أنني أعلم جيدًا من تجارب سابقة مدى التقليل الأمني في حراسة مقر الكلية الذي يتسع ليتفرع إلى أقسام متعددة تختص بالآداب بأنواعها والعلوم والدراسات التربوية.

وأعود الأسبوع القادم إن شاء الله لألبي دعوة المشاركة في المؤتمر الدولي الذي تنظمه كلية البنات للآداب والعلوم والتربية بمصر الجديدة ضمن دورها الفعَّال في قطاع شئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، تحت عنوان: "الأبعاد العلمية والتربوية والاجتماعية والثقافية لحل المشكلات البيئية في مصر".. وأتمنى أن أجد الأجهزة الأمنية وقد استطاعت استحضار هذا اللهو الإرهابي الذي انتشر في المناطق المختلفة ينثر قنابله أو عبواته الناسفة، وتكون أعملت تشكيلاتها الأمنية لحماية حرم الكلية ومقرها من الخارج والداخل معًا.
Poetgomaa@gmail.com
الجريدة الرسمية