رئيس التحرير
عصام كامل

دواء لكي أموت !


مددت يدي أسحب شريط دواء ليطهر معدتي، بعد مغصة متكررة.. سحبت كبسولتين معًا وما كدت أضعهما على طرف لساني، حتى ترددت.. ما تاريخ الصلاحية ؟ عادة أتمتع بوسوسة تجاه تواريخ الصلاحية.. أتابعها فوق المعلبات الغذائية والدوائية إلى درجة اختنقت منها ومن زوجتى، حدقت في شريط الأنتينال تحديقا لكن الأرقام المضغوطة راوغتني.


الرقم يقول إنه 2014 وشهر 8.. لا..لا بل 2012 وشهر 6... لا لا هي سنة 2011.. الطباعة غائرة ودقيقة، وممسوحة وعلى طرف الشريط الدوائي المفضض المذهب.. قلت في نفسي يا عم خد الكبسولتين واخلص.. زيح.. العيا مر.. لكن تذكرت حالة أستاذي الراحل فؤاد أيوب الذي دفع حياته ثمنا لدواء منتهي الصلاحية ورأيته منتفخ الوجه تماما ! خفت وامتنعت. راجعت شرائط دواء عديدة ووجدت نفس الملحوظة.

شركات أدوية كثيرة تحفر تاريخ الصلاحية بتفاهة وعدم اكتراث ! إذا كان تاريخ صلاحية الدواء غير مهم ولا يؤثر في الصحة، فلماذا يكتبونه ؟ وإذا كان مهمًا ومؤثرًا في صحة المريض المتعاطي، فلماذا طبعته الشركة المنتجة دقيقًا غائرا لامعا مدفونا تائها ؟ هل الهدف تعذيب المريض ؟ وﻷنني غير متخصص في الكتابة الصحية، راجعت أصدقاء صيادلة من الكبار عن سر الطريقة الغريبة في طبع تواريخ الصلاحية والباتش.. والأخيرة كلمة شائعة بين الصيادلة ومنتجي الأدوية والمقصود بها رقم التشغيلة، ومنه يمكن معرفة تاريخ انتهاء الدواء.. المريض لا يعرف إلا التاريخ العادي، أما مفتشو الأدوية فهم وحدهم القادرون على قراءة وفهم مدلول رقم التشغيلة.. عرفت أيضًا أن بعض الشركات يتعمد هذه الطريقة الأقرب إلى طمس التواريخ.. لماذا ؟ ﻷنها تريد استمرار طرح المنتج خاصة إن كان فيتامينات. 

معظم الأدوية المنقضية الصلاحية، كما فهمت من الأصدقاء الصيادلة، لن تضر، لكنها لن تفيد.. يحدث زوال تدريجي للمادة الفعالة. إذن.. اشرب الدواء المنتهي الصلاحية والأثر والشركة تقبض الثمن ! لا تطمئن كثيرًا يا صاحبي ! أدوية القلب بالذات.. إن انتهت صلاحيتها فهي قاتلة !

مطلوب من شركات منتجة للأدوية، أن تعيد النظر في هذا النوع من الغش المراوغ ولا ترهق أنظارنا وأن تكون سليمة القصد.. إن تغييب أو طمس أو إخفاء تاريخ الصلاحية أخطر من طمس أو تصغير أو إخفاء الأرقام على لوحة معدنية لسيارة قاتلة.. من فضلكم لا تقتلونا بهذه البساطة.. ولا تستعموننا.. وإلا أعماكم البصير في عليائه وسمائه !
الجريدة الرسمية