رئيس التحرير
عصام كامل

الجماعة تدخل معركة «أبراج المحمول» للانتقام من «ساويرس».. عناصرالإخوان يستهدفون أبراج «موبينيل» بـ«المولوتوف» وفرانسو باسيلي يكشف: «المال» كلمة السر ف

نجيب ساويرس رجل الأعمال
نجيب ساويرس رجل الأعمال

>> "ساويرس" حذر من "الدعم القطري".. والجماعة ترد بـ" جهاد الأبراج"

"مولوتوف الإخوان.. يصل لأبراج المحمول".. "احرق البرج.. والدور اللي جاي ولع في صاحبه".. يظن الشخص الذي ألقي بالزجاجة الحارقة على "برج المحمول" أن القادم "صاحب البرج".. ولأنها "موبينيل".. ولأنه "إخواني".. فإن "ساويرس" هو المقصود بـ" المولوتوف"، رغم أنه خرج تقريبا من الشركة، وأصبح يمتلك أسهما قليلة جدا، لا تستحق "الحرق".. أو المطاردة حتى.


الجماعة بينها ورجل الأعمال نجيب ساويرس "تار بايت".. أخرجته لعدة أشهر من القاهرة، بعدما وصل رجلها محمد مرسي لـ" الاتحادية".. وتفاوضت معه لـ" العودة".. وصالحته بـ"مندوب رئاسي" كان في استقباله لحظة وصوله مطار القاهرة.. عودة "ساويرس" ومصر تحت الحكم الإخواني، حاول البعض استغلالها ضده، في الأيام التي تلتها، غير أن رياح 30 يونيو التي هبت واقتلعت جذور الجماعة، وأعادتها لمربع "الإرهاب".. كانت في صالح "ساويرس" الذي تأكدت تحليلاتها بأن "الإخوان حايخربوها" وان الجماعة "اختطفت الثورة".

أزمة "ساويرس" والإخوان، لم تكن وليدة "لحظة الإجبار على الرحيل".. وهو ما كشفه "فرانسو باسيلي" في مقال له تحت عنوان " ساويرس والإخوان.. الفريضة الغائبة" حيث قال: تتحدث أدبيات الإخوان عن الأقباط بمفهوم لا يرى فيهم سوى «ذميين» لهم حق الحماية والبر بهم.. لكن ليس لهم حقوق المواطنة الكاملة، ساويرس كان من أوائل من نبهوا للتأثير القطرى بالأموال وغيرها على مصر.. وشكا بهذا إلى كل من قابلهم وعلنًا في التليفزيون في زيارة للغرب قام بها بعد الثورة بعدة أشهر، في إطار سعْى الإخوان المحموم للاستحواذ على سلطة المال يصبح ساويرس هدفًا مثاليًّا تتجمع فيه كل الصفات التي يكرهونها ويعادونها بالضرورة.. وهو رجل أعمال معارض إعلامي ليبرالى قبطى له اهتمامات ثقافية وفنية.

واكمل "باسيلي" بقوله: خرجت عائلة ساويرس من بلدها مصر، واتهم نجيب ساويرس الإخوان بأنهم السبب في هذا، قائلا في إحدى رسائله التي نشرها في الأشهر الأخيرة: «شعرتُ بعدم الاطمئنان..خصوصا مع استمرار مسلسل البلاغات الكيدية والعبثية ضدى من صبيان النظام وتزايد إصدار قرارات المنع من السفر دون صدور أحكام نهائية، وهو ما يهدد رجال الأعمال في أرزاقهم ويشوه سمعتهم»، وفى رسائله قال أيضا: «سافرت يأسًا وحزنًاعلى حال مصر، عندما وجدت أن الثورة قد اختطفت.. كما صدمنى نهم الإخوان في الهيمنة على كل الأجهزة التنفيذية والتشريعية في الدولة، ورغبتهم في السيطرة على اقتصادها وتغيير هويتها، وإقصاء المعارضة، ومحاولتهم ترويض الإعلام».

وكان النائب العام، الذي اختاره الرئيس مرسي بدلا من النائب الذي أقاله بإعلان دستورى، قد أصدر أمرًا بمنع عائلة ساويرس من السفر، لكن نجيب ساويرس وعائلته كانوا قد غادروا مصر فعلا، وفى الأيام القليلة الماضية أصدر نفس النائب العام قرارا بمنع 23 من كبار رجال المال في البورصة المصرية من التصرف في أموالهم، لكن ألغت محكمة جنايات القاهرة قرار النائب العام بعد ثلاثة أيام من إصداره.

"المال".. كلمة السر في معركة "الجماعة" التي أعلنتها على "ساويرس".. وهو ما كشفه "باسيلي" بقوله: في إطار السعى المحموم من قبل الإخوان للاستحواذ على السلطة الثالثة الغائبة، التي قد ينظرون إليها باعتبارها الفريضة الغائبة، وهى سلطة المال، تصبح عائلة ساويرس هي الهدف الأكثر إغراءً والأكثر إشباعا لهذه الشهوة الباطنية المثيرة التي يسيل لها لعابهم، فساويرس هو هدف مثالى لهم، فهو أولًا ثانى أغنى رجل في مصر وصاحب أكبر شركة خاصة بها وأحد كبار مليارديرات العالم، ثم هو شخص تتجمع فيه كل الصفات التي يكرهونها ويعادونها بالضرورة، فنجيب ساويرس هو أفضل وأشمل «مقابل» للإخوان، سياسيًّا وفكريًّا وثقافيًّا وطائفيًّا، فهو رجل الأعمال المعارض السياسي الإعلامي الليبرالى القبطى ذو الاهتمامات الثقافية والفنية، ممثلا لكل ما هو «غير» الإخوان أو «ضد» الإخوان في مصر اليوم، وعليه فلا بد من النظر إلى ما حدث لساويرس على يد الإخوان في ضوء ما يحدث في مصر بشكل عام، وهى تحت الحكم الإخوانى، فساويرس ليس مجرد رجل أعمال، لكنه رجل كان ضليعًا في المشهد السياسي منذ الأيام الأولى للثورة، خصوصا عبر قناة «أون تى في» التي أنشأها قبل الثورة ببضعة أعوام، وكان لها دور إعلامي فعال في مساندة الثورة، رغم ما في هذا من خطورة عليه كرجل أعمال كبير كان يمكن، لو فشلت الثورة، أن يكون مصيره سجن طرة الذي يقبع فيه رجال نظام مبارك الآن، ثم قام بتأسيس حزب المصريين الأحرار بعد الثورة، الذي يعد أول وأهم الأحزاب الليبرالية الحديثة في مصر الثورة، كما أن هناك أنشطة ساويرس الثقافية التي تؤثر في الساحة الثقافية المصرية خصوصا بين الشباب، كما أن كونه قبطيًّا تجعله محل نظر، خصوصا في مجتمع ظل يعانى مما سمى بالفتنة الطائفية منذ عصر السادات أي أربعة عقود كاملة.


ووفقا للقاعدة الشهيرة "أينما وجدت قطر.. تجد الإخوان".. فإن "باسيلي" لفت النظر إلى أن "ساويرس" كان من أوائل الذين نبهوا لخطورة المال "الإخواني" حيث قال: لم يكن مدى التأييد الأمريكى للإخوان قد اتضح كاملا بعد، وكان هذا مما زاد من كراهية الإخوان له، لكن حتى دون هذا فإن تعثر العلاقة بين رجال الإخوان وبين نجيب ساويرس وبقية عائلته وانتهائها إلى هذا الخروج الدرامى لعائلة ساويرس من مصر كان أمرًا محتومًا، فالاختلاف بين الإخوان وساويرس هو تعارض جذرى ووجودى وحاد، وليس مجرد اختلاف وجهات نظر سياسية أو قضية ضرائب مالية، ورغم أن من يقود جماعة الإخوان بشكل عملى اليوم هو رجل أعمال أيضا، وهو خيرت الشاطر، فإن كلا منهما هو النقيض الكامل الشامل للآخر، ولم يكن من المتصور للنقيضين أن يتفقا أو يتعايشا بأى شكل، خصوصا بعد صعود الإخوان للسلطة واتخاذهم سياسة خندقية تعتمد الأخونة وسيلة للتمكين والاستمرار بشكل استحواذى إقصائى أدهش في فجاجته حتى الذين أعطوا أصواتهم لمرسي من شباب وشيوخ الثورة، فراحوا يندمون ويعتذرون علانية على خطيئتهم التاريخية، ولذلك فمن المهم أن نفهم طبيعة الاختلاف الذي أدى إلى الصدام الحتمى بين الإخوان وساويرس.

"نقلا عن العدد الورقي"
الجريدة الرسمية