رئيس التحرير
عصام كامل

الأزهر والعنف وأشياء أخرى


شىء جميل أن يدعو فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب إلى اتخاذ موقف قوى ضد العنف، وشىء رائع أن تستجيب كل التيارات السياسية والشبابية والكنائس المصرية لدعوة شيخ الأزهر، ويجتمعون ثم يوقعون على وثيقة الأزهر لنبذ العنف والتطرف والإرهاب، ولكن هل كل هؤلاء بحثوا فى أسباب هذا العنف، وكيفية القضاء على الطرق التى تؤدى إليه؟ وهل هذا العنف سبب أم نتيجة؟

بلاشك أننا جميعًا منزعجون لما يحدث فى البلد من أعمال عنف وقتل وتخريب وحرق للمنشآت العامة والخاصة، وكما قال لى أستاذ الطب النفسى الشهير د.أحمد عكاشة: إن ما يحدث فى مصر الآن هو مقدمة لثورة الجياع، التى إن حدثت -لا قدر الله- سوف يدفع ثمنها الجميع، وأن هناك أعدادًا كبيرة من المواطنين فى حالة إحباط ويأس بعد أن تبددت أحلامهم فى حياة كريمة، هؤلاء قد يلجأون إلى العنف انتقامًا من المجتمع، ونفس المعنى أكده لى أيضًا المهندس محمد سيف الدولة مستشار رئيس الجمهورية السابق، والذى قدم استقالته بسبب أحداث العنف فى الاتحادية، حيث يرى أنه يجب أن نقف جميعًا ونتصدى لظاهرة العنف التى انتشرت فى المجتمع، وأن تكون جهودنا فى إطار القضاء على أسبابه "أى الوقاية"، لأنها أرخص وأفضل من العلاج، أنا أعلم جيدًا مدى الاحترام الذى يحظى به شيخ الأزهر لدى مؤسسة الرئاسة، لأنها تحمل له موقفه الإيجابى من الجمعية التأسيسية، لأن الأزهر لو كان انسحب من التأسيسية مثلما فعلت الكنيسة أو بعض القوى المدنية ما خرج هذا الدستور المعيب للنور، لذلك فإننى أعلم جيدًا أن كل طلبات الأزهر مجابة لدى الرئاسة، والدليل أن كل الأسماء التى رشحها الأزهر للتعيين فى مجلس الشورى تم الموافقة عليها بما فيها النائب المعزول سياسيًا صهر مستشار فضيلة الإمام.
لذلك ما دام فضيلة الإمام يريد أن يكون له دور فى خروج البلد من أزمته، يجب عليه أن يقدم للرئاسة مبادرة شاملة، تأخذ فى الاعتبار مطالب المعارضة والشباب، لأنى أخاف على الأزهر أن يتم استخدامه لأغراض سياسية، كما كان يحدث فى السابق، ولكن بشكل مختلف، تلجأ إليه مؤسسة الرئاسة لإخراجها من المواقف الصعبة، وهنا يجب تذكير فضيلة الإمام بالوثيقة التى طرحها فى يونيو 2011 المسماة بوثيقة الأزهر، والتى وقع عليها فى ذلك الوقت د.مرسى بصفته رئيسًا لحزب "الحرية والعدالة"، هذه الوثيقة التى لم تحترمها الجمعية التأسيسية، حتى المادة الخاصة بدور الأزهر الواردة فى الوثيقة كانت أفضل من التى أقرها الدستور، الخلاصة أننى أتمنى لفضيلة الإمام الأكبر أن ينأى بنفسه وألا يتم استخدامه سياسيًا ومخرجًا للحزب الحاكم، أو مؤسسة الرئاسة من عثراتها، ولهذا رأينا رد الفعل السريع والإيجابى منهما على وثيقته لنبذ العنف، ولا أعتقد أن هناك عاقلاً فى هذا البلد يوافق على العنف، ولكن يجب أن نقضى على أسبابه أولاً، وأن نضع حلولاً شاملة لكل مشاكلنا.
كتبت هذه السطور أثناء الاجتماع فى مشيخة الأزهر، يوم الخميس وقبل أحداث اليوم التالى "الجمعة" أمام الاتحادية.
الجريدة الرسمية