رءوس مقطوعة أم رءوس متساوية؟!
خمسة وثلاثون عامًا مرت، منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، ثم الحرب التي شنها صدام حسين على هذا البلد، والتي دامت ثمانية أعوام دون أن ينجح أي طرف في حسمها لصالحه، رغم الدعم المالي والتسليحي الهائل الذي تلقاه سيئ الذكر "صدام"، وما تلا ذلك من حروب بين المتحالفين، أفضت لإقصاء هذا النظام قبل إعدامه شنقًا.
ورغم تلك التجربة المريرة، التي استهلكت عشرات المليارات ومئات الآلاف من أرواح البشر الأغلى من الدولارات، فإن البعض قرر تكرار التجربة في سوريا - وإن كانت بصورة مختلفة - عبر حشد قطعان الإرهابيين؛ أملًا في قطع رقبة النظام السوري لأسباب تتعلق بالحقد والتشفي والانتقام، من نظام متمرد على المنظومة الأعرابية الموالية للغرب وإسرائيل، ويبدو حتى هذه اللحظة أن التجربة السورية ستفشل كما فشلت التجربة الإيرانية. والسؤال الآن لا يتعلق بموعد إعلان الفشل، بل عن الآثار الارتدادية لهذا الفشل المحتوم، والتي تمثلت سابقًا في غزو "صدام" للكويت، والآن لا أحد بوسعه التنبؤ بما سيعقب إعلان الفشل النهائي لخطة استبدال النظام السوري، بنظام يخضع لإملاءات دول النفط، ويحب أمريكا ولا يكره إسرائيل.
في ظل تلك الأجواء، نسمع الهري الذي يطلقه (إعلاميو السبوبة) الذين لا يكفون عن الإشادة بتصريحات (الضحك على الذقون) التي يطلقها بعض الخلايجة، والتي تشيد بثورة 30 يونيو، وكأن هؤلاء قد نبت لهم ضمير جديد يؤمن بحق الشعوب في الحرية والعيش الكريم، وكأنهم أدركوا حجم الخسارة التي تعرضوا لها جراء سقوط المخلوع من على عرشه، فقرروا بناء منظومة علاقات جديدة مع مصر الثورة!!.
القضية لا تتعلق بالحكم على حسن نوايا هؤلاء من عدمه، بل على رهانهم على ضعف ذاكرة المصريين، وإمكانية استغفالهم وجرهم للقيام بذات الدور الذي قام به المخلوع (بودي جارد الخليج) مقابل بعض الفتات التي كانت تُلقى إليه بين الفينة والأخرى!!.
لم ولن يفلح هذا الدور في تلبية حاجات مصر الأساسية، ولا تحويل اقتصادها من اقتصاد معتمد على المعونات إلى اقتصاد منتج يقف على ساقين!!.
في المنطقة رءوس متساوية، بغض النظر عن رأينا فيها، ليس من السهل قطعها لتبقى المنطقة عهدة رأس واحد ليس برأس، بل هو مجرد ذنب من أذناب الاستكبار العالمي.
آن الأوان أن ندرك نحن، أن مشاريع قطع الرءوس (التي أينعت وحان قطافها) قد ولى إلى غير رجعة، وأن الخسائر الهائلة التي مني بها عالمنا العربي بسبب هذا الخبلان السياسي، لا يمكن جبرها ولا تعويضها، كما أن محاولة استرضاء هؤلاء المخابيل لن تقود إلا إلى مزيد من الخراب.