رئيس التحرير
عصام كامل

صبيان زعيم العصابة


فيما مضى كان لكل معلم كبير صبيان، يتدربون على يديه ويتعلمون منه سر الصنعة، أملًا في أن يصيروا فيما بعد معلمين.. وفى سبيل ذلك يسعون إلى القيام بكل ما يكلفون به من عمل، كبيرا كان أم صغيرا، وقد يتطوع بعضهم -دون تكليف من المعلم - للقيام بأعمال أخرى رغبة في اكتساب رضاه، وإثبات مدى إخلاصهم ووفائهم له.. وإذا حدث أن تعرض المعلم أو تعرضت أعماله ومشروعاته للاعتداء من قبل آخرين، سارع صبيانه إلى القيام بواجبهم في التصدي للمعتدى والذود عما يخص المعلم بكل ما لديهم من قدرات وإمكانات.. هناك أيضًا صبيان شيخ "المنصر"، أو زعيم العصابة، وهؤلاء يكونون من نوعية معينة، لها ملكاتها ومواهبها الخاصة، فضلًا عن الحرفية العالية في شئون الإجرام..


شيخ "المنصر" أو زعيم العصابة هنا هو أمريكا، القوة الأعظم في عالمنا المعاصر.. أما الصبيان فيمثلهم الاتحاد الأوربي، وبعض دول العالم العربى والإسلامى.. وأنا هنا أتحدث عن حكام وإدارات الدول، وليس الشعوب.. ومن المعتاد أن يتنافس الصبيان على كسب ود الزعيم، وكلما كان الصبى أعلى صوتًا وأكثر بذلًا وتضحية ولديه قدرات وإمكانات أكبر من إخوانه، كلما كان أقرب الصبيان إلى قلب الزعيم.. وربما تسهم العلل النفسية والتشوهات الخلقية والإحساس بالدونية لدى بعض الصبيان، في القيام بأعمال لا يقوم بها غيرهم..

أحد هؤلاء الصبيان هو قطر.. جعل من نفسه موطئ قدم لأمريكا، حيث أقام لها قواعد عسكرية على أرضه، تعتبر من أكبر القواعد خارج أمريكا.. ولم يكتف بذلك، بل مد جسور التواصل والتنسيق والتعاون مع الكيان الصهيونى، لعله يحظى بكامل الرضا الأمريكى.. وعندما تعرض المشروع الأمريكى في المنطقة للخطر، بدأ الصبيان - وفى مقدمتهم قطر - في التحرك بهمة ونشاط غير عاديين.. وللتذكير فقط، نقول: إن هذا المشروع كان ولا يزال يستهدف كامل السيطرة على المنطقة، فضلا عن ضمان أمن وأمان الكيان الصهيونى وضمان تفوقه، التهام المزيد من أرض فلسطين، تهويد مدينة القدس، هدم المسجد الأقصى وإقامة "هيكل سليمان"، مزيد من التجزؤ والتفتيت للدول العربية وإشاعة الفوضى داخلها، وإقامة محور سنى / شيعى يزيد من تأجيج الصراع المذهبى في المنطقة.

وجاءت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، لتربك حسابات المشروع الأمريكى.. وكان لابد أن يتحرك الصبيان - وفى مقدمتهم قطر - على عدة محاور؛ أولها: إمداد جماعات التكفير والإخوان بالمال للقيام بأعمال إرهابية واغتيالات، وتخريب وتدمير وتفزيع، وإشاعة فوضى داخل مصر، أملا في كسر شوكتها وتركيعها، ثانيها: تجنيد كل ما تملكه من وسائط إعلامية لخدمة هذه الأهداف، وثالثها: الدعم المالى لإثيوبيا في إقامة سدودها على النيل الأزرق بهدف الضغط على مصر..

ويبدو أن قطر - مدعومة من الجانبين الأمريكى والصهيونى - حاولت أن تمارس بعضًا من مهامها في السعودية والإمارات العربية والبحرين، وذلك لتعبيد الطريق أمام الرئيس الأمريكى قبل قدومه إلى السعودية، خاصة أن هذه الدول كان لها موقفها المرحب بثورة ٣٠ يونيو والمساعد والداعم لمصر، وهو الأمر الذي أغضب أمريكا.. إزاء ذلك قامت الدول الثلاث بسحب سفرائها من قطر، كإجراء تحذيرى أولى لشد أذن الأخيرة، لعلها تفيق قبل فوات الأوان، وحتى تغير سياستها ونهجها التخريبي، خاصة تجاه دول مجلس التعاون الخليجي.. من الواضح أن هناك يدًا لإيران في هذا النهج، إذ أن الإرباك الذي تسببه قطر في المنظومة الخليجية، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديا واجتماعيا، يخدم الأهداف الإيرانية.. وقد جاءت مساعدة قطر للحوثيين في اليمن لتؤكد ذلك.
الجريدة الرسمية