الجبهة الإسلامية السورية.. قوة متطرفة جديدة
شهد النصف الثانى من عام 2012 زيادة فى نزعة التطرف بين صفوف المعارضة السورية المسلحة، وخاصة فى شمال وشرق البلاد. ولعل ما تبلور فى البداية كقوة علمانية انعكست بصفة أساسية فى تكوين "الجيش السورى الحر" الذى ينضوى الثوار تحت لوائه، قد تشرذم رويداً رويداً إلى فصائل إسلامية متناحرة من بينها "صقور الشام"، و"كتائب أحرار الشام"، و"جبهة النصرة"، وأخيراً الجبهة الإسلامية السورية، والتى أعلن المتحدث باسمها أبو عبد الرحمن الصورى أن الجماعة تتبع المذاهب السلفية المتشددة وأنها تخطط للإطاحة بنظام الأسد وحلفائه، وتعمل بعدها على تطبيق معاييرها فى تفسير الشريعة فى البلاد. ووفقاً لما قاله، إن ذلك سيعنى إقامة مؤسسات تركز على القضايا السياسية والدعوة والتعليم الثقافى والإغاثة الإنسانية.
وتتكون "الجبهة الإسلامية السورية" من أحد عشر لواء، من بينها "كتائب أحرار الشام" (التى تعمل فى جميع أنحاء سوريا)، و"حركة الفجر الاسلامية" (التى تعمل فى مدينة حلب وحولها)، و"كتائب أنصار الشام" (فى اللاذقية وحولها)، و"لواء الحق" (فى حمص)، و"جيش التوحيد" (فى دير الزور)، و"جماعة الطليعة الإسلامية" (فى المناطق الريفية من ادلب)، و"كتيبة مصعب بن عمير" (فى المناطق الريفية من حلب)، والجماعات "كتيبة صقور الإسلام"، و"كتائب الإيمان المقاتلة"، و"سرايا المهام الخاصة"، و"كتيبة حمزة بن عبد المطلب" التى تعمل فى منطقة دمشق.
وليس لدى الألوية الخمسة الأخيرة سجل يذكر أو ليس لديها أى سجل على الإنترنت فى خوض المعارك مما يشير إلى أنها ليست لاعباً حقيقياً على الأرض.
وعلى الرغم من أن "الجبهة الإسلامية السورية" تدور فى نفس الفلك الأيديولوجى لـ "جبهة النصرة" وتتعاون معها فى ميدان القتال، إلا أن "الجبهة الإسلامية السورية" تعتبر جماعة مختلفة وأكثر دهاء. ويرجح ألا يُعرف إن كانت هذه الاختلافات ستحدث فارقاً على الأرض من عدمه إلا بعد سقوط نظام الأسد لأن هذا هو المحور المشترك ما بين فصائل الثوار فى الوقت الحالي.
وعلى النقيض من "جبهة النصرة"، التى ينظر إليها على أنها فرع من «تنظيم القاعدة فى العراق»، ليست لـ "الجبهة الإسلامية السورية" أية روابط معروفة على مستوى القيادة مع تنظيم «القاعدة». وعلاوة على ذلك، تظهر مراسلات "جبهة النصرة" فى مقدمة المنتدى الرئيسى لـ «القاعدة» على الانترنت، وهو "شموخ الإسلام"، بينما تمتلك "الجبهة الإسلامية السورية" حسابها الخاص المستقل على كل من الفيسبوك وتويتر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن أحد أكبر الخصوم المشهورين لـ "جبهة النصرة" المُنَظِّر الجهادى الشيخ أبوبصير الطرطوسي، ويُعتقد أنه يقاتل مع "كتائب أنصار الشام" تحت لواء "الجبهة الإسلامية الثورية". وقد تُوجِه موافقته الإجمالية على ميثاق الجبهة دعم الجهاديين العالميين بعيداً عن "الجبهة الإسلامية السورية" بسبب الجدل المستمر بينه وبين المناصر الجهادى العالمى لـ "جبهة النصرة" الشيخ أبو المنذر الشنقيطي. إلا أن الشنقيطى لم يُبد رأيه بعد حول تأسيس "الجبهة الإسلامية السورية" أو آرائها، رغم أن أحد المنظرين المشهورين الآخرين، وهو الشيخ إياد القنيبى الأردني، قد أعلن موافقته على ذلك.
على الرغم من أن "الجبهة الإسلامية السورية" لم تذكر صراحة أنها تريد دولة إسلامية إلا أن أهدافها وسياساتها المحددة توضح أنها تسعى لذلك فى الواقع، ما يعنى أن الإدارة الأمريكية تواجه حالياً تحدياً كبيراً فى تأمين المصالح الأمريكية فى سوريا بسبب ترددها حتى الآن فى دعم المعارضة. وفى حالة ثبوت كذب الشائعات المتعلقة بانضمام "الجبهة الإسلامية السورية" إلى "المجلس العسكرى الأعلى"، ينبغى على واشنطن عندئذ الإسراع فى جهودها لتدريب الوحدات المسلحة التابعة للمجلس وتمويلها وإمدادها بالسلاح. إن ذلك سيساعد على أقل تقدير فى احتواء النمو المتزايد للقوات المقاتلة التى تعارض القيم الأمريكية ومصالحها فى المنطقة.
• نقلاً عن معهد واشنطن