رئيس التحرير
عصام كامل

التكامل الاقتصادى.. هل تحققه القمة الإسلامية؟.. زيادة رأس مال البنك الإسلامى للتنمية لـ8.5 مليار دولار .. تمويل المشروعات الصغيرة.. إنشاء مؤسسة للأمن الغذائى.. وزيادة التبادل التجارى

مؤتمر القمة الإسلامية
مؤتمر القمة الإسلامية

أقرت قمة منظمة التعاون الإسلامى الثانية عشرة، فى بيانها الختامى مساء أمس "الخميس"، سلسلة جديدة من الخطوات والإجراءات الهادفة إلى تعزيز التكامل الاقتصادى بين الدول الإسلامية، ودعم العديد من المشروعات التنموية والاقتصادية البينية فى مجالات التجارة والزراعة والأمن الغذائى ومكافحة الفقر وتوفير وظائف جديدة للشباب وتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.


فقد وافقت قمة الدول الإسلامية التى عقدت فى القاهرة على مدى اليومين الماضيين، على تفعيل نظام الأفضليات التجارية فيما بينها، وأصدرت قرارات تقضى بزيادة رأس مال "البنك الإسلامى للتنمية"، والذى يبلغ الآن 5ر8 مليارات دولار أمريكى، ودعم رأس مال "وقفية صندوق التضامن الإسلامى" الذى يعمل فى مجال تمويل المشروعات الصغيرة والزراعية والأمن الغذائى والتدريب المهنى والتنمية الاجتماعية.

وكذلك إنشاء منظمة جديدة هى "المؤسسة الإسلامية للأمن الغذائى، والتى سيكون مقرها فى مدينة أستانة بتركيا، على أن يتأسس كذلك مركز احتياط الأمن الغذائى فى دولة جيبوتى.

ويأتى حرص منظمة التعاون الإسلامى على زيادة التعاون الاقتصادى والتجارى بين الدول الإسلامية، باعتبارها منظمة إقليمية كبيرة تضم 57 دولة موزعة على أربع قارات، ويبلغ تعداد سكانها ما بين 3ر1 إلى 5ر1 مليار نسمة؛ حيث لا بديل فى عالم العولمة ونشأة الكيانات الاقتصادية والتجارية الكبرى فى ظل اتفاقية التجارة الحرة العالمية عن التكامل الاقتصادى الإسلامى، على المستويين الجمعى والمناطقى، لمجابهة التحديات المختلفة التى يطرحها النظام الاقتصادى والتجارى الجديد.

هذه التحديات اختصرها الرئيس محمد مرسى فى كلمته الافتتاحية للقمة، حين أكد على أن "الموارد العظيمة لأمتنا وقدراتنا لا تتناسب بحال مع واقعنا الحالى.. فبلادنا تشغل ثلث مساحة اليابسة، وتمتلك أكثر من نصف احتياطيات العالم من النفط والغاز وتضم الثروات الطبيعية وتزخر بالشباب الواعد الذين يمثلون أكثر من نصف الأمة، إلا إننا لا نسهم إلا بنصيب متواضع فى الناتج الإجمالى العالمى وبنصيب متواضع فى مجالات البحث والابتكار".

وتشير الإحصائيات الصادرة عن التقرير السنوى حول التجارة بين الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى لعامى 2010 و 2011، والذى يصدره المركز الإسلامى للتنمية التجارية، إلى أن دول المنظمة لا تسهم بالفعل فى الناتج العالمى إلا بنسبة تراوح 10% فقط، حيث بلغت قيمة التجارة الإجمالية للدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى فى عام 2009 حوالى 28ر1 تريليون دولار أمريكى بما يعادل 47ر10% من التجارة العالمية، ثم ارتفعت قيمة هذه التجارة إلى 2ر3 تريليون فى عام 2010 (بنسبة 5ر10% من حجم التجارة العالمية)، وبلغت 9ر3 تريليون فى عام 2001 بنسبة 8ر10%.

ولا ريب فى أن هذا الإسهام الضعيف بالنسبة للحجم الكلى للتجارة العالمية لا يتناسب بأى حال مع تملك الدول الإسلامية لحوالى 73% من الاحتياطى العالمى من النفط (تنتج 5ر38% من الإنتاج العالمى)، ونحو 40% من الاحتياطى العالمى من الغاز الطبيعى، مع ملاحظة أن أكثر من 85% من صادرات هذه المواد هى عبارة عن مواد خام غير مصنعة.

كما تمتلك الدول الإسلامية مساحات كبيرة من الأراضى الصالحة للزراعة تصل إلى نحو 80 مليون هكتار لم يتم استغلالها بشكل أمثل، بينما تستورد مواد غذائية من الخارج يزيد قيمتها عن 35 مليار دولار سنويا.

هذا علاوة عن وجود فوائض مالية كبيرة لدى الدول الإسلامية فى مجموعها قد تصل إلى أكثر من 800 مليار دولار مودعة فى البنوك الغربية.

وبالرغم من ذلك يمكن القول إن الدول الإسلامية تدرك هذه الحقائق وتعرف حجم التحديات جيدا حتى قبل مطلع الألفية الجديدة؛ وهو ما شجع على أن تأخذ محاولات التكامل الاقتصادى الإسلامى زخما كبيرا خلال العقدين الماضيين؛ ففى عام 1990 أقرت الدورة السادسة للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادى والتجارى الإسلامى (كومسيك)، التى تأسست فى عام 1984 الاتفاقية الإطارية للأفضليات التجارية بين الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى، والتى دخلت حيز التنفيذ منذ عام 2002 بعد اكتمال النصاب القانونى للتوقيع والتصديق، ثم بدأ وضع الآليات الأساسية لتنفيذها فى إبريل 2004 بعد انطلاق الجولة الأولى من المفاوضات التجارية البينية بأنطاليا التركية.

وتعتبر هذه الاتفاقية أحد أهم أركان العمل الإسلامى المشترك فى المجالين التجارى والاقتصادى، لأنها تمثل إطارا لتبادل الامتيازات التجارية والجمركية بين الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى، وتنشيط المبادلات التجارية فيما بينها، وخاصة بعد توقيع كل من: بروتوكول خطة التعريفة التفضيلية الخاصة بنظام الأفضليات التجارية، واتفاقية قواعد المنشأ الخاصة بنظام الأفضليات التجارية، ثم اتخاذ القمة الإسلامية غير العادية التى عقدت فى مكة المكرمة فى عام 2005 قرارًا بتنمية التبادل التجارى بين الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى، ووضع هدف محدد هو زيادة نسبة التجارة البينية من 15% فى عام 2005 إلى 20% بحلول عام 2015.

الجريدة الرسمية