رئيس التحرير
عصام كامل

عندما يكون الشهيد "بلطجى" والبلطجى "مواطن شريف"


التاريخ يكتبه المنتصرون، مقولة يعرفها الجميع ويتجاهلها الجميع أيضًا عندما يتعاملون مع القصص التاريخية كحقائق حدثت بالفعل، بل إن المعاهدات الدولية التى تتم بين الدول عقب الحروب يكتبها المنتصرون أيضًا، بينما يكتفى المنهزمون بالتوقيع فقط مع أنهم طرف أساسى وأصيل فى المعاهدة، بل إن النظام العالمى الجديد وما تبعه من إنشاء الأمم المتحدة ومجالسها المتخصصة تم وضعه عن طريق المنتصرين فى الحرب العالمية الثانية وأملوه على المنهزمين بل أملوه على المجتمع الدولى كله حتى تلك الدول التى لم تشارك فى الحرب العالمية الثانية.


وشهداء ثورة يناير أطلق عليهم لقب شهداء لأن الثورة نجحت فى إنهاء نظام حكم مبارك وقامت بالزج به وبنظامه فى السجون، ولو كانت ثورة يناير قد فشلت ولم تستطع خلع مبارك ونظامه لظل شهداء ثورة يناير، أو الورد الذى فتح فى جناين مصر خونة وعملاء وممولين من الخارج ولهم أجندة خارجية وأن من قاموا بالهجوم على الشباب فى موقعة الجمل هم المصريون الشرفاء وهم الذين أنقذوا مصر من الفوضي!!.

فى حوار تليفزيونى لى مع الأستاذ محمد جوهر صاحب قناة 25 التى أغلقها الإخوان، قال لى: أثناء مذبحة ماسبيرو وبعد صعود مجموعة من الشباب ومعهم كاهن لمبنى القناة للاحتماء من بطش العسكر والبلطجية فى الشارع، صعد خلفهم رجال يرتدون ملابس القوات المسلحة ومعهم أشخاص يمسكون بسيوف وجنازير وكانوا يضربون كل من يجدونه أمامهم حتى الكراسى والأثاث والأبواب ويحطمون كل شىء، فسألت أحد رجال القوات المسلحة وقلت له أنت "شرطة عسكرية" وأنا أعلم ذلك ولكن من هؤلاء الذين يخربون ويدمرون كل شىء أمامهم، فرد صاحب الزى العسكرى على وقال هؤلاء مواطنون شرفاء!!!!.

وهذه الأيام يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى بعد انفراد جماعة الإخوان بالحكم وخروج جموع الشعب عليهم فيما سمى بالثورة المصرية الثانية، التى راح ضحيتها ما يزيد على سبعين شخصاً من خيرة شباب مصر إلى الآن والعدد قابل للزيادة فى الأيام القادمة، استخدم النظام الحالى نفس المفردات التى استخدمها نظام مبارك وهى بعينها التى استخدمها "العسكر"، ووصفوا الشهداء بالخونة والعملاء والمأجورين والمتآمرين بل زادوا على ذلك بأوصاف جديدة مثل أعداء الإسلام وأعداء الله وأعداء الدين.!!!

فالشاب الجميل والطالب المثالى "محمد الجندى" والذى يجيد ثلاث لغات ولديه إقامة دائمة فى الولايات المتحدة تركها وعاش فى مصر حبًا فى ترابها أصبح بلطجياً لأنه رفض أن يشتم الضابط والدته وتجرأ على حضرة الضابط وقال له لا تشتم والدتي، فما كان من حضرة الضابط إلا أن أخذه وقام هو وزملاؤه بتعذيبه حتى الموت!!!. وكأن المصريين لم يقوموا بثورة ولم يضحوا بألف شهيد من أجل الثورة فلم يتغير شىء فنفس ممارسات السلطة ونفس أسلوب الداخلية لم يتغير ولم يتبدل.

تجرى دموعنا كل يوم عندما نرى صور الشهداء ونستمع لأهاليهم وذويهم وأصدقائهم وهم يتكلمون عنهم وما إن تجف دموعنا حتى يأتى شهيد آخر فنبكيه ونحزن للاتهامات التى توجه لخيرة شباب الوطن وأفضل ما أنجبت مصر عبر تاريخها.

وإن كنا نريد حق الشهداء وإن كنا نريد أن يوصف هؤلاء بالأوصاف الحقيقية التى يستحقونها كأبناء مخلصين لهذا الوطن ضحوا بأرواحهم من أجل حرية وطنهم وأنهم لا يقلون أبدًا عن أبطال حرب أكتوبر ولا عن زملائهم شهداء الثورة الأولي، علينا أن نأخذ من التاريخ عبرة فى أن هؤلاء الشهداء سيظلون يوصفون بأنهم بلطجية ومن قام بقتلهم وتعذيبهم بمواطنين شرفاء مالم تنتصر الثورة ويرحل "مرسي" وأتباعه بل ويقدموا للمحاكمة بنفس التهم التى اتهم بها النظام السابق.

علينا أن نعرف ونتأكد أن التاريخ لا يكتبه غير المنتصرين والحق لا يكون حقًا إلا إذا كانت هناك قوة تحمية تدافع عنه وتظهره، وإذا أردنا أن نحقق حلم الشهداء ونقتص من الذين قتلوهم ليس أمامنا غير طريق واحد ووحيد وهو أن نعمل على أن تنتصر الثورة ونحن لها وسننتصر وغدًا لناظره قريب، لنعطى شهداءنا المجد المستحق ونطهر مجتمعنا من البلطجية ونعطيهم المكانة التى تليق بهم وهى السجون، ستستمر ثورتنا حتى نحقق العدل أو نستشهد فنحن لسنا بأفضل ممن استشهد من أجل الوطن.

الجريدة الرسمية