طبائع المتأسلمين وتاريخهم
إنهم فئة تاريخية ظهرت مع أحداث الفتنة الكبرى، وابتدعت من الدين ما ليس فيه، وعملت على إعادة تشكيله بما يخدم مصالحها وأهوائها وعدوانيتها ضد كل من يخالفها ولم يتبع سبيلها، إنهم يظهرون دائمًا في مناخ الفتن والمحن كما بدءوا، ويدعمون فساد الحكام ويستخدمون الدين تبريرًا لحكمهم وظلمهم، ويستخفون بالدماء التي حرمها الله.
فالسيف عنوانهم وشعارهم، والتمكين والسيادة على العباد غايتهم، ويرون أن الحرية هي حقهم وحدهم من أجل إقامة الدين كما يرونه، وأن حرية غيرهم خطيئة واستفزاز يجب وقفهما وصدهما، فهم يستهدفون الحرية بكل معانيها ويحظرونها على مستوى الفرد والجماعة والمجتمع، مع أن الحرية هي أصل الإسلام ولا تقوم الشهادة إلا بشرط تحققها، وادعائهم بامتلاك الدين يفسر جنوحهم لمحاسبة الخلق ويجعلهم متألهين يملكون الجنة والنار، فيعتقدون أنهم الأمة الناجية وأصحاب الجنة دون غيرهم، فيزَكُّون بذلك أنفسهم مع أن الله تعالى يقول ( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى).
فسلكوا بذلك مسلك إبليس في استعلائه على آدم وعنصريته عندما قال لربه (خلقتنى من نار وخلقته من طين)، وهم أهل شهوات ومادة، لا يرون في نعيم الجنة من نعمة الرزق الطيب والسلام والنظر إلى وجه الله ونزع الغل والحسد والبغض من القلوب ورضا الله على ساكنيها ورضوانه غير الحور العين من النساء، ففى سبيلهن فقط يقتلون أنفسهم ويفجرون أجسادهم بداعى الجهاد للحصول عليهن، وهم بعد ذلك أهل تخلف ورجعية يستهوون أن يعودوا للماضى إن امتلكوا آلة الزمان، وهم يعوضون ذلك بخلق عالم افتراضى يعيشون فيه لا ينتمى للواقع المعاش المستمد من تراث فقهائهم الأقدمين، فيرفضون حقائق العصر ولا يسلكون سبل التعارف مع شعوب الدنيا ويناصبونهم العداء.
وهم أهل تدليسٍ وكذب، فيستمرئونه من أجل مصالحهم وتحقيق أهدافهم، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة، فابتدعوا ما يسمى «التقية» التي تشكل منهج الكذب وتشريعه والتي تهدر أساس الدين ومفهومه، وتناقض أخلاق نبيه الصادق الأمين، وتبطل شهادة الشاهد فتخرجه من الإسلام لعلة كذبه.
لقد حاصروا الإسلام بالفعل، فصوروا رحمته قسوة، واتساعه ضيقًا، وبشارته وعيدًا، فهم أهل المصائب والمحن أينما حلُّوا، وهم العدو فاحذروهم !!