رئيس التحرير
عصام كامل

تجريف ماسبيرو!!!


في مقال سابق كتبت عن مبنى الإذاعة والتليفزيون الكائن في منطقة ماسبيرو وقلت إنه ليس مجرد مبنى من الطوب والرمل والأسمنت بل هو قلعة الإعلام الذي تُبث منه أقدم إذاعة في المنطقة وثاني أقدم إذاعة في العالم وأيضا يبث منه أول تليفزيون في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وعمالقة هذا المبنى أنشئوا معظم القنوات الإذاعية والتليفزيونية في العالم العربي والإسلامي وأفريقيا، وطالبت الدولة بالحفاظ على هذا المبنى العريق والاهتمام به حتى يظل مدافعًا عن الدولة الوطنية المصرية في كل الأوقات وعلى مر العصور ومع اختلاف الأنظمة الحاكمة.


ولكني في الفترة الأخيرة لاحظت أن معظم شباب التليفزيون المصري المتميزين استقطبتهم القنوات الفضائية الخاصة وكأن ماسبيرو أصبح طاردا للكفاءات، وبالتالي نجد أن القنوات الخاصة تتقدم بأبناء ماسبيرو وتستحوذ على اهتمام المشاهدين وعلى الإعلانات، بينما ماسبيرو يتراجع وهذا أمر خطير جدا، رغم أنني سبق أن أشدت بالدور المهم للقنوات المصرية الخاصة في إزالة حكم الإخوان، وحتى الآن تقوم بدور مهم في حرب الدولة على الإرهاب، وأنها بالفعل أغنت المشاهد المصري عن متابعة قناة الجزيرة.

ورغم أنني أشجع المنافسة بين الإعلام الخاص والرسمي فمنه يستفيد البلد، لكن لا يجب أن تكون هذه المنافسة على حساب ماسبيرو وبأبنائه، وحقيقة أنا لا أعرف لماذا يفرط المسئولون في اتحاد الإذاعة والتليفزيون في كل هذه الكفاءات؟

أستطيع الآن أن أذكر أكثر من 100 إعلامي من نجوم الفضائيات الخاصة من أبناء ماسبيرو وما زالوا على قوته ويحصلون منه على إجازات وهم بالتالى يرتكبون جريمتين في حق البلد لأنه لا يستفيد منهم وأيضا يحجزون وظائف في الجهاز الإداري، فلا تستطيع الدولة تعيين البديل منهم من آلاف الشباب العاطل، ومعظم من يحصلون على إجازات يحصلون عليها بالتحايل على القانون، وذلك من خلال تقديم شهادات مرضية لرعاية الوالد أو الوالدة وفجأة نجده على شاشة الفضائية الخاصة، وكأن عمله في تليفزيون الدولة يمعنه من رعاية والديه، أما القناة الخاصة توفر لهما هذه الرعاية.

أنا أتصور أنه على المسئولين في ماسبيرو أن يُجبروا هؤلاء إما بالعودة لشاشة التليفزيون المصري حتى يرتقي ويجذب المشاهدين والمعلنين أو بالاستقالة من الوظيفة وتعيين البديل منهم من الشباب الموهوب والمتميز العاطل عن العمل، ظني أنها مؤامرة على هذا المبنى والإعلام الرسمي، فهناك رجل أعمال يسعى لإنشاء ماسبيرو موازٍ، بل يحاول منافسته في حقوقه الحصرية وسوف يكتمل مشروعه بإنشاء إذاعة خاصة، بعد أن كانت الدولة تمتلك حصريا الإذاعة الرسمية الناطقة باسمها والتي تستطيع من خلالها توصيل رسالتها للمواطن.

الله أعلم مع وجود إذاعات خاصة لا أعرف كيف سيكون الحال في المستقبل خاصة أن أمامي تجربة مريرة في الحرب الأهلية في لبنان أسهمت فيها الإذاعات الخاصة بشكل كبير من خلال إذاعات الميليشيات والأحزاب هناك، حتى من حصلوا على موافقة لإنشاء إذاعة خاصة في مصر قبل إطلاقها يحاولون استقطاب شباب الإذاعة المتميزة، وإفشال تجربة راديو مصر الناجحة هو مزيد من المؤامرة لتجريف ماسبيرو.. أتمنى أن يعيها المسئولون في الإعلام الرسمي أو الأجهزة الأمنية في البلد.. ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية