رومانسية رئيس الوزراء
كل من يعرف المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء عن قرب يعلم جيدا مدى تواضعه وحبه للعمل وقدرته على الإنجاز، ولكن ما لم نكن نعرفه عن المهندس إبراهيم محلب أنه يتمتع برومانسية شديدة وشخصيته حالمة وحبوب ولذوذ ويعيش في دنيا الحب حتى أذنيه ويرفع شعار حبيبي دائما، ويتقمص شخصية هانى شاكر في أغنية "جرحى أنا".. فمن يتابع تصريحاته يشعر بأنه "عاشق ولهان" وليس رئيس وزراء دولة تعانى من أزمات طاحنة، ونحن لسنا ضد هذه الصفات النبيلة، فهذه هي الأساس ويجب أن نشجع انتشار هذه الرومانسية وأن يعيش الجميع في حالة حب دائمة، ولكن بين الحبيب وحبيبته، أو بين الرجل وزوجته أحيانا.
أما أن يتحدث رئيس الوزراء عن الحب والعواطف والمشاعر بمثالية مفرطة والأفواه جائعة والبطون خاوية والبطالة تتجاوز 15% والمصانع متوقفة والاستثمار يتراجع والإضرابات الفئوية والاعتصامات في كل مكان، فهذا عيب حقيقي وقع فيه في أول "خطاب غرامى" للجماهير المحتشدة في المصانع والنقابات وفى انتظار ظهور "أمارة" منه على حسن القيادة وليس الكلمات الساخنة والعواطف الجياشة.
إذا أصر رئيس الوزراء على اتباع سياسة "الحب" واستخدام مفردات العاشقين فهو الخاسر الأكبر فالعمال الغاضبة في المصنع لا تأكل معها هذه اللغة.. كما أن عمال غزل المحلة لم يستقبلوه بالدباديب الحمراء والقبلات الساخنة والخطابات الغرامية والزغاريد بل طالبوه بزيادة الأجور وهذا حق مشروع، ولكن يجب أن يقترن بالعمل والإنتاج، كما أن هذه اللغة "الناعمة" لم تحقق نجاحا مع من أصروا على استخدامها في مخاطبة العمال والجماهير ولنا موعظة حسنة في الدكتور عصام شرف الذي كان يحب على نفسه دائما وفتح "ماسورة المطالب الفئوية ورسخ قاعدة اعتصم واحصل على ما تريد.. واقطع الطريق واحصل على هدية من رئيس الوزراء".
البناء له لغة واحدة فقط، وهى الصراحة والوضوح، وأن من يعمل يحصل على حقوقه ومن لا يعمل ليس من حقه شيء.. وما هي حقيقة وضعنا الاقتصادى.. وكيف نتجاوز هذه المرحلة الحرجة.. وأين خطة البناء.. هذه هي لغة رئيس الوزراء التي يجب أن تكون.. أما الكلام عن الحب فمكانه في حديقة الأسماك.