رئيس التحرير
عصام كامل

"أوسكار" العبيد لانتشال أوباما


تستغل أميركا جميع الوسائل، ما ظهر منها وما بطن، لتحقيق مآربها ومؤامراتها بالترغيب مرة والتهديد مرات. ولا يخفى على متابع لمسيرة جوائز "الأوسكار"، أنها إحدى وسائل الترغيب، حيث توعز الإدارة الأميركية إلى القائمين على أكاديمية فنون وعلوم السينما، لتتويج أسماء وأعمال بعينها بالجائزة الأهم عالميا، وعن طريقها توجه رسالة سياسية إلى الدول التي فاز نجومها بأن عليكم رد الجميل والتعاون معنا، لتمرير ما نريده.


جرت العادة في أغلب دورات "الأوسكار"، أن من ينال جائزة أفضل إخراج يتوج أيضا بجائزة أفضل فيلم، لكن في عهد الأفول الأميركي بقيادة أوباما، تغيرت المعايير وغابت المصداقية، مرة لانتشال الرئيس أوباما من عثراته المتكررة، ومرة ثانية لاستقطاب دول أفريقية إلى صف أميركا في تنفيذ المؤامرة في الشرق الأوسط انطلاقا من مصر، وثالثة لترويج التسامح الأميركي وأنها مخلصة العالم من الرق والعبودية وتقود شعوبا تتطلع إلى الحرية والديمقراطية.

ويبدو أن مجتمع هوليوود المخملي أدرك منذ البداية أن باراك أوباما الضعيف والمتردد، ما زال يعاني عقدة أنه سليل الرق، فعمد إلى إبداء التعاطف مع معاناة العبيد والتأكيد على قيمة التحرر والحرية بقيادة أميركية، عن طريق إنتاج مجموعة أفلام نالت جميعها جوائز "أوسكار" في السنوات الثلاث الأخيرة. وهذه الفكرة تحديدا لخصها المخرج "الأسود" ستيف ماكوين صاحب فيلم "12 عاما من العبودية" الفائز بأوسكار الموسم الحالي، إذ قال "إن تصوير العبودية غاب عن السينما الأميركية، حيث أنتجت أقل من 20 فيلما طوال تاريخها، وأن التصالح مع الماضي العنصري يتم بالتحدث عن العبودية".

أميركا التي تفخر بالتكنولوجيا والتقنيات والخيال غير المسبوق في أفلامها وتحرص على تتويج صناعتها، صرفت النظر عن فيلم "الجاذبية"، الذي اقتربت إيراداته من المليار دولار، ورغم فوزه بسبع جوائز "أوسكار" من بينها أفضل إخراج، فضلت عليه العنف الفج وقسوة فيلم "12 عاما من العبودية" الذي نال أوسكار أفضل فيلم، ليصبح أول عمل يخرجه "أسود" ينال الجائزة المرموقة منذ تأسيسها، كما منحت الفيلم جائزتين أخرتين منها "أفضل ممثلة مساعدة" إلى لوبيتا نيونغو وهي كينية مغمورة جسدت دور عبدة معذبة.

يمكن تفسير منح الجائزة إلى كينية، لأنها أولا تنتمي إلى بلد أوباما الأصلي، وثانيا هي رسالة إلى سياسيي كينيا لأن لوبيتا ابنة سياسي وعضو مجلس الشيوخ عن مقاطعة كيسومو، ثالثا تؤكد الجائزة على دعم أميركا للبلد الأفريقي حتى يبقى الأخير في الكنف الأوبامي ضد مصر. 
لكن هل يمكن تصديق أن الممثلة الكينية المغمورة أفضل من جوليا روبرتس أو حتى جنيفر لورانس المرشحتان معها في الفئة نفسها؟!.. وزادت القناعة بأن "الأوسكار" فقد المصداقية في عهد أوباما، حين أهدى ستيف ماكوين جائزة "أفضل فيلم" إلى بطل العمل شويتل إجيوفور قائلا "إن شويتل روح وقلب فيلم العبودية، وأداؤه المميز لا يمكن أن تراه عند سواه، ولولاه ما حقق الفيلم هذا الأثر"، بمعنى أن شويتل يستحق جائزة الأداء، وهو بريطاني "أسود" لديه مشاركات بارزة في هوليوود وبريطانيا، فهل يفترض أن يكون أفريقيا حتى تمنحه أميركا "أوسكار" عن "العبودية"؟!

انتهت دورة "الأوسكار" السادسة والثمانين بعلامات استفهام كثيرة، وبقي الفشل والأفول الأميركي على كافة الأصعدة، ولن ينجح الانحياز في الجوائز ومساندة أوباما معنويا وفنيا وسياسيا في تغيير إخفاقه وتعثره، إن كان في ليبيا أو اليمن والعراق، حيث تسبب تدخله في نتائج كارثية ولم يحقق الخطط الأميركية، كما اضطر صاغرا إلى "ابتلاع" تهديداته إلى حزب الله وإيران وسورية وكوريا الشمالية، وها هو على طريق "الانبطاح" أمام قيصر روسيا بوتين بشأن أوكرانيا، أما في مصر فلم ولن ينجح بإذن الله في تنفيذ مؤامرته، ما دام الشعب فطنا إلى الحقيقة وملتفا حول الجيش والشرطة. ويبقى على أميركا أن تتخلص من أوباما، إن أرادت الحفاظ على ما تبقى لها من تأثير في العالم.
الجريدة الرسمية