رئيس التحرير
عصام كامل

«بدران» بين هلاوس الشيطان.. واعترافات «السندريللا» !!


نستكمل مقال الأمس ونقول:
خرج الشعب يجدد الثقة في جمال عبد الناصر رغم النكسة وبعد التنحي.. كان المطلب هو البقاء لتصحيح ما جري.. تكليف من نقطة واحدة ووحيدة " إزالة آثار العدوان ".. ولم يكن ذلك ممكنا في ظل قيادة الجيش التي فسدت وانحرفت وانتكست وتسببت في كارثة للأمة كلها..


رفض عبد الحكيم عامر الرحيل.. وأصر أن يبق أو أن يرحل ناصر معه.. كان التكليف الشعبي موحيا برغبة الشعب.. لكن سيطرة عامر على الجيش دفعت عبد الناصر إلى التعامل مع الأمر بترو وهدوء..المشير مع رجاله..يتحصن بهم..بل وينقلون الناس من بلدة المشير ويسلحونهم..وصل الأمر إلى نقطة التفاوض..طلبوا من المشير عامر أن يرشح من يراه صالحا لتولي السلطة في حالة رحيله هو وناصر..فرشح على الفور " شمس بدران "!!

كان " بدران " من رجال المشير الأوفياء..كما كان صلاح نصر أيضا..كما كان علي شفيق كذلك..كانت تجارب انقلاب أهل " السلاح " على أهل " السياسة " في أندونيسيا والجزائر مع استمرار إنجازات عبد الناصر ومعاركه المستمرة تؤجل على الدوام إجراء جراحة كبيرة لتطهير الجيش..فكان ما كان ونعرفه جميعا..ولكنه حدد المواقف والانحيازات لكل واحد..وبعد 67 وما تلاها من عمليات تطهير كبري للوصول إلى " إزالة آثار العدوان " دخلت السجن شلة الأنس كلها..

كان " نصر " و" بدران " في المقدمة.. حوكموا علنا بحضور كل وكالات الأنباء العالمية.. وحصلوا على كل حقوقهم في الدفاع عن أنفسهم.. وأدينوا جميعا بتهم مختلفة منها الانحراف بجهاز المخابرات..وبعد نصر أكتوبر أفرج السادات عن بعضهم.. خرج " صلاح نصر " بعفو صحي.. وكذلك " شمس بدران "..وقال له " السادات " إنه لا يرغب في أن يري وجهه في مصر بعد الآن..وهو ما التزم "بدران " به وظل في لندن حتى اليوم..لكن ما تناساه البعض وربما " بدران " أولهم أنه الوحيد الذي أدين في كل شئ..في التقصير في الجيش..وفي الانحراف الوظيفي..وفي عمليات التعذيب في السجون..ومع ذلك..وفور خروجه من السجن أجرت معه مجلة الحوادث اللبنانية حوارا طويلا..قال فيه بالحرف.. وكان عبد الناصر في ذمة الله منذ سنوات والحملة ضده على أشدها: " إنني يمكنني أن أبرئ نفسي وأقول إنني كنت أنفذ أوامر الكبار..لكن لا..كنا في سباق مع الزمن..إما أن نعتقل الإخوان ونحصل على اعترافاتهم أو نتركهم يحرقون كل شئ" !

وبعد وصوله إلى لندن..ومنذ وصوله إليها وتوالت الحملات على عبد الناصر بمواسم مختلفة..وبلغت ذروتها في كتاب لا يطول الزعيم الكبير بشكل مباشر وإنما يكشف أكثر انحراف رجال المشير..ومع ذلك لم ينطق الرجل المحسوب على خصم " عبد الناصر " والرجل الذي سجن في عهد " ناصر " بعدة تهم وهو نفسه الرئيس الذي برأه " بدران " بنفسه من أي تهمه دون إكراه ودون وجود ناصر وفي مناخ موات جدا للتجريح والهجوم!

اليوم وقد راحت الأضواء وذهبت.. واليوم حيث بدأ العد التنازلي لقانون الطبيعة..يحاول الرجل أن يلفت الأنظار إليه وليس هناك مشكلة أن يكون الأمر بمقابل سخي..فليس هناك شئ أدي إلى أي نتيجة للتخلص المعنوي من " جمال عبد الناصر "..لكن الناس في بلاد العرب يجرحهم وتجرح سيرتهم الاتهامات الجنسية..فكان الاتهام العبيط بأن " ناصر " كان يشاهد أفلاما جنسية للفنانة سعاد حسني !!!!

ورغم أن الاتهام من خصم لعبد الناصر لا يعتد به..ورغم أن الاتهام بلا دليل وبلا مستند وبلا أي وثيقة..ورغم أن الاتهام إنشائي مرسل من رجل يغط في شيخوخة قاتلة..ورغم أنه اتهام من رجل فيما لا يعرفه ولم يكن من بين اختصاصه..ورغم أن الاتهام بلا أي شاهد آخر عليه..ورغم أن الاتهام منشور في جريدة مشبوهة متهمة دائما بالعداء لعبد الناصر وميولها الأمريكية لا تخفى على أحد..ورغم ذلك كله وغيره..

تعالوا معا نقرأ ماذا قالت سعاد حسني نفسها في مقتطفات من مذكراتها نشرتها لها في الرابع من سبتمبر من العام قبل الماضي مجلة روزاليوسف الغراء ونقله عنها موقع جريدة " الشروق " وجاءت بالحرف: " أكدت الصحيفة أن سعاد تؤكد في مذكراتها أن " عبد الحليم حافظ " عاد إليها ووعدها بأنه سيساعدها، وأنه نجح بالفعل في كشف القصة للرئيس " جمال عبد الناصر،" فوعد " جمال عبد الناصر"، "عبد الحليم" بأنه سينهي القضية، بعدها أصدر جمال عبد الناصر قرارات تاريخية لها دوافع وأسباب سياسية عدة أدت لتحويل عدد من ضباط جهاز المخابرات في فيفري 1968 إلى محكمة الثورة التي حاكمت صفوت الشريف في القضية الشهيرة باسم "انحراف صلاح نصر".

وبعدها حسب المذكرات، أصدر جمال عبد الناصر قرارات تاريخية في 1968 منع فيها باسم رئيس الجمهورية استغلال المصريات في أي عملية أمنية من هذا النوع، كما طلب عبد الناصر أن يحضروا له أفلام سعاد حسني كلها من واقع أرشيف عملية صفوت الشريف، وأشعل جمال النار في الشرائط، وبعد أن تأكد من أنه أعدمها بنفسه، اتصل بعبد الحليم حافظ وقال له جملة واحدة ذكرتها سعاد في مذكراتها وهي "مبروك.. وعد الحر دين عليه يا حليم"، وأخبر عبد الحليم أنه وسعاد أحرار، لكن عبد الحليم كما كتبت كان لديه شرخ نفسي من ناحيتها منعه عنها حتى مات.""!!

ثم تضيف روزاليوسف نقلا عن سعاد حسني حرفيا: " أكدت سعاد حسني في مذكراتها أن "صفوت الشريف" كان قد أقسم على تدمير عبد الحليم الذي كشف عمليتهم لجمال عبد الناصر بعد ما عاد إلى الوظيفة الحكومية في عهد الرئيس "أنور السادات"، وأن صفوت "هو من دبر أحداث حفل عيد شم النسيم في أبريل 1976 الذي غنى فيه عبد الحليم أول مرة أغنية "قارئة الفنجان" أمام جمهور مدسوس دفع الشريف أجره مسبقا"، وذكرت سعاد أن عبد الحليم "شكا للرئيس السادات بعد أن تأكد أن صفوت وقف وراء ما حدث"

شهادة " سعاد حسني " تمت بعيدا بعيدا عن حياة " عبد الناصر " وعهده ونظامه..بل كانت في عز نفوذ صفوت الشريف..وجاءت ولم يجرؤ واحد طوال هذه الفترة أن يقول أن مشهدا واحدا خرج من أدراج أي جهاز في مصر أو أن أحدا خارج أي جهاز في مصر كان على علم به..!!

ويا بدران..آفة الكذب النسيان..وقد تنسيك الشيخوخة..وقد ينسيك الغل والحقد وقد ينسيك المال وحب البقاء في الحياة وفي الأضواء..لكن التاريخ لا ينسى وقد قال كلمته وانتهى الأمر !
الجريدة الرسمية