رئيس التحرير
عصام كامل

"إياد مدنى" أول سعودى يشغل منصب الأمين العام للمنظمة الإسلامية .. طالب بافتتاح دور سينما بالمملكة.. وأعاد المرأة والموسيقى إلى التليفزيون.. ويرفض الليبرالية

صورة من مؤتمر القمة
صورة من مؤتمر القمة الإسلامية

قرت القمة الإسلامية الـ12 بالقاهرة اليوم الخميس تولى السعودى إياد مدنى منصب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى خلفا لأكمل الدين إحسان أوغلو الذى تنتهى ولايته نهاية العام الجارى.


وبهذا القرار يصبح مدنى (67 عاما) الذى شغل فى وقت سابق منصب وزير الإعلام، ثم وزير الحج بالسعودية، الأمين العام العاشر للمنظمة الإسلامية، وأول سعودى يشغل منصب أمين عام المنظمة منذ تأسيسها عام 1969.

ويُعرف مدنى بين المثقفين السعوديين، برؤيته العميقة وهدوئه وميله إلى عدم الحديث بكثرة إلى وسائل الإعلام، وفيما يؤكد مقربون منه أنه "متدين"، يصفه آخرون بأنه أحد دعاة الليبرالية فى السعودية، حيث أعادت وزارة الإعلام فى عهده العديد مما يعتبره هؤلاء "محرمات" إلى أجندة التليفزيون والإذاعة.

ولد مدنى بمكة المكرمة فى 15 مايو 1946م لأسرة آل مدنى المعروفة بالمدينة المنورة والتى برز منها الكثيرون فى حقول القضاء والأدب والعلم، حيث كان والده أول رئيس تحرير لجريدة المدينة السعودية.

حصل على البكالوريوس فى إدارة الإنتاج فى جامعة ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1969م.

ارتبط فى ذهن الكثيرين بصورته حين كان وزيرا للإعلام وظهر على جميع القنوات التليفزيونية مطلع أغسطس 2005، ناعيا العاهل السعودى الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز، ومعلنا بيعة الأسرة المالكة للأمير عبدالله بن عبدالعزيز ملكا على البلاد.

وما هى إلا أشهر قليلة حتى أصبح مدنى الوزير الأكثر إثارة للجدل داخل الحكومة السعودية والأكثر تعرضا للانتقاد على خلفية "السياسة المنفتحة" التى انتهجتها وزارة الإعلام فى عهده.

فقد عادت المرأة للتليفزيون كمقدمة لنشرات الأخبار، وبدأ التليفزيون فى بث الموسيقى والأفلام، الأمر الذى جعله عرضة لانتقادات مباشرة ومتواصلة من التيار المحافظ داخل المملكة، متهمين إياه بأنه "ليبرالى علمانى تجاوز الخطوط الحمراء".

وزادت الانتقادات تباعا بعد تخفيف الرقابة على معرض الرياض الدولى للكتاب، وإعلانه صراحة تأييد افتتاح دور سينما بالمملكة، بل وتشجيعه على إقامة مهرجانات لأفلام للشباب، حيث حرص بنفسه على افتتاح المسابقة السينمائية السعودية الأولى، التى انطلقت فى الدمام تحت عنوان "أفلام سعودية 2008".

ورغم الانتقادات الشديدة التى وجهت لمدنى من التيار المحافظ ، فإنه لم يسلم من انتقادات المثقفين السعوديين أيضا الذين اتهموه بالمسئولية عن إلغاء انتخابات الأندية الأدبية.

ويذكر كلا الطرفين لمدنى الذى تولى حقيبة وزارة الحج على مدار 6 سنوات قبل توليه مقاليد وزارة الإعلام فى 2005، التنظيم الجديد لخدمات المعتمرين وزوار المسجد النبوى الشريف، حيث قام بتيسير الإجراءات وتسهيل أداء المناسك بالنسبة للمعتمرين، وسمح بموجبه للراغبين فى أداء العمرة التجول داخل المدن السعودية وفق ترتيبات حددها النظام.

وما إن تقاعد مدنى عن عمل الوزارة فى 2009، حتى راح يشغل وقته فى جمع وترتيب مقالات ومشاركات قدمها على مدى سنى عمره، أصدرها فى كتاب حمل عنوان «سن زرافة» صدر عام 2012 كان بمثابة نافذة أطل من خلالها الجميع على أطروحاته الفكرية، وقدم عبرها إجابات لكثير من التساؤلات والاتهامات التى واجهته خلال عمله.

فى «سؤال الهوية»، أحد أبرز طروحات الفصل الأول من الكتاب، يبرز إياد مدنى الملامح الرئيسية لسؤال الهوية حيث يقول: تكاد الآراء تجمع على أن المرحلة التى يمر بها شعب الجزيرة العربية من أهم مراحل تطوره الحديث، فهى مرحلة تحول من اعتماد كلى على مصدر واحد للدخل إلى نظام اقتصادى منتج، ومرحلة مواجهة مع خيارات ثقافية واجتماعية تحتم موقفا يتجاوز ترديد «أكليشيهات» عن عظمة الأمة، وأصالة تاريخها ليصل إلى الجديد المنتمى.

ورغم وصفه بأنه أحد دُعاة الليبرالية فى المملكة، فإن "مدنى" يقف موقفا صريحا ومعارضا لليبرالية، إذ يقول فى مقالته (إلى اليسار در) "مرة أخرى، يجب أن نكرّر أن رفض الليبرالية ورفض أفكار اليسار يعنى بالضرورة تقديم البديل، ومنطقة الجزيرة والخليج تمتلكان إمكانية تقديم هذا البديل، بحكم أنهما لم يقعا ضحية الفكر الليبرالى الغربى أو الماركسى اليسارى وبحكم إصرارهما التاريخى على تقديم الممارسة الإسلامية على التبنى غير المشروط لأفكار الآخرين".

ومن أهمّ المقالات التى تشرح فكر وتكوين إياد مدنى مقالته (خيمة مايكل جاكسون) التى تساءل خلالها: "فلماذا الوجل والتوجس والخيفة المشاهدة اليوم، نخشى أن نغرق إعلاميا، وأن نخترق سياسيا، وأن نتحلل اجتماعيا، وأن نتطرف أخلاقيا، ويرى البعض الحل بأن نعيش داخل خيمة من الأوكسيجين، مثل الخيمة التى نام مايكل جاكسون تحتها؛ خوفا من أن تصيب صحته العليلة جرثومة شاردة".

وعن الصدامية الحادة التى حدثت إبّان وزارته للإعلام مع التيار الدينى، والأسئلة التى انبجست عن سبب مناوأته لبعض فصائله المتجذرة فى الساحة المحلية، قدم مدنى الإجابة فى مقالته (الأصالة والمعاصرة) وقد بدأه بسؤال عن المقصود بالأصالة "أيقصد بالأصالة التيار التقليدى.. الفكر السلفى؟"

مدنى أبان رؤيته بشكل جلى حيال ما تعانيه الساحة الفكرية بالمملكة، وبين أن "سبب الازدواجية فى المجتمع هو الانفصام الملاحظ فى مجتمعنا بين مجموعتين رئيسيتين وإن كانتا غير متكافئتين: مجموعة رجال الدين ومجموعة المثقفين.. وما يشوب العلاقة بينهما من بُعد وتباعد".

ويشغل إياد مدنى حاليا منصب نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للإسكان التنموى، وكان قد تسلّم حقيبتى وزارتى الحج والإعلام تباعا حتى عام 2009، حتى رشحته المملكة لتولى هذا المنصب الرفيع عقب انتهاء الدورة الثانية لإحسان أوغلو ديسمبر\ كانون الأول المقبل.

وسبق أن عمل مديرا لإدارة التنمية الإدارية بالخطوط الجوية السعودية عام 1970م ثم مديرا عاما لمنطقة جدة بالخطوط الجوية السعودية حتى عام 1976م، كما كان أول رئيس تحرير لصحيفة "سعودى جازيت" التى تصدر بالانجليزية عن مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر.

عمل مديرا عاما لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر، وله كتابات وإسهامات صحفية عديدة فى صحف ومجلات المملكة منها "سعودى جازيت" و"عكاظ" و"المدينة" و"الرياض".

له عدد من الإنجازات الثقافية المهمة التى ارتبطت باسمه، ومنها تطوير مجلة «الحج والعمرة»، عندما كان وزيرا للحج، وحصل على العديد من الجوائز والأوسمة خلال عمله.
الجريدة الرسمية