رئيس التحرير
عصام كامل

عورة المواطن من عورة النظام


مشهدان هزا القلب، وأدمعا العين، وأشعلا مشاعر متباينة فى بيوت المصريين، المشهد الأول فى الزقازيق وقد أعطى للشرطة رد اعتبارها، والمشهد الثانى أمام أسوار قصر الرئاسة فى القاهرة.. وقد أخذ من الشرطة أخذا عظيما وهوى ببعض رجالها إلى حفرة سحيقة.

 المشهد الأول وقع فى محكمة جنايات الزقازيق؛ فقد أصدر القاضى العظيم المستشار حسن عيسى، حكما ببراءة مدير أمن الشرقية ومعاونيه السبعة من تهمة قتل المتظاهرين فى 2011 وقت أحداث يناير.. ثم اعتذر لهم!. قال لهم: أنتم كنتم كبش فداء للأيدى المرتعشة دافعتم عن شعبكم وعن مراكز وأقسام الشرطة التى هى بمثابة بيوتكم، وأقول للجميع بأنه لا يوجد فى مصر قضاة مرتعشى الأيدى"، ثم فجر القاضى الإنسان مشاعره النازفة.. "كنت أتألم كثيرا وأنا اقرأ أوراق القضية. تألمت لما حدث لكم أنتم أول رجال أشكرهم. أعتذر لكم كشخص عن الإهانات التى لحقت بكم وأنتم فى حمايتنا"، يقصد تحت إمرة المحكمة وبحوزتها.
كم قاضيا الآن يتألم، وهو يقرأ أوراقا ملفقة، تريد العصف بحياة برىء واغتيال شرفه واسمه وعائلته وأقاربه. كم قاضيا الآن يشعر أن الجماهير الغفيرة المشحونة بدعاوى الانتقام وشيطنة الماضى بأسره..هى آتون نار فاغر فاه يريد المزيد من الضحايا، فى مكارثية إخوانية ينبغى وقفها.
فى وقت من الأوقات كان إلهاء الوحش بإطعامه ضحية جديدة هو الطريق لإعادة البناء الوطنى. كان عشاء كنج كونج اليومى ضحايا بالجملة.. وقال قضاة مصر العظام إنهم مسئولون أمام القاضى الأعظم الحق رب العالمين.. علم القضاة أنهم بصدد وحش يقتات الانتقام، يستتر بالغطاء السياسى ليمثل ليس فقط بمن اعتبرهم أعداءه.. بل أيضا الذين آثروا الانسحاب من مشهد عك سياسى دام مرتبكا يسخر فيه الدين من أجل الدنية!.
لم يمض يوم وبعض يوم حتى اقترف نفر من الأمن المركزى جريمة مسحت المجهود الجبار الذى بذلته وتبذله الداخلية. ونحن معها. لرد اعتبارها ومعاونتها على أداء مهمتها المقدسة فى حفظ الأمن وليس السحل.. نعم سحلوا وعروا آدميا مصريا.. تماما كما ولدته أمه. فركت عينى ومخى فلم أصدق ما رأيت.. إن هذه جريمة مكتملة الأركان.. والفاعل فيها ليس مشاعا بل محددا ومصورا ومعروفا..وسوف تقدم الداخلية الجناة منها إلى العدالة.. ومعهم النظام كله!
الجريدة الرسمية