لوكنت رئيس مصر (4)
الاستثمار فى البشر عنوان النجاح لأى دولة تسعى للتقدم والتنمية والازدهار، فهم ثروة حقيقية وأفكار تبدع وتقدم لأوطانها الكثير والكثير من الإنجازات والاختراعات، التى صنعت من بعض الدول الصغيرة قوى عظمى، والأمثلة كثيرة جدًا فى عالمنا ولن نتحدث عن تجارب الدول الأخرى فى استثمار طاقاتها البشرية، ولكن الأهم هو إيجاد طرق وبدائل للاستفادة من عقول مصر التى تبهر العالم كل يوم، والمنتشرة فى أغلب جامعات ومراكز أبحاث العالم المختلفة، والعمل على البحث فى ربوع مصر على شبابها النابغين النابهين عباقرة العصر وصناع المستقبل، لأنهم هم المستقبل الحقيقى، لأن التنمية والاستثمار فى البشر صناعة حقيقية لمستقبل مزدهر، والحالة المصرية تحتاج بشكل مهم وحيوى لاهتمام الرئيس بهذا الملف، لأن انهيار مصر الحالى فى المجالات كافة سببه الأول غياب العقول المفكرة المبدعة عن الساحة، وهجرتها للخارج للبحث عن مناخ يدعم العلم والتنمية، ولكن حان الوقت لفتح هذا الملف بقوة وفرضه على أرض الواقع إذا كنا نريد إعادة بناء مصر وعودتها لريادتها وقيادتها للعالم العربى .
الاستثمار فى البشر يحتاج لإعادة النظر فى السياسات التعليمية التى تنتهجها مصر فى السنوات الماضية، لأن الوضع الحالى من مناهج وأسلوب تعليمى لا يقدم لنا سوى مزيد من البطالة المقنعة والمتعلمين الجهلاء، والدليل تراجع مستوى خريجى الجامعات المصرية بشكل كبير، يجعل قطاعًا كبيرًا من الشركات والمصانع تطلب إعادة تأهيلهم بشكل يدخلهم سوق العمل، والأهم فى السياسة التعليمية الجديدة هو الاهتمام ببناء العقل المصرى ودعمه للإبداع والفكر بشكل كبير، وإزالة المناهج كافة التى تدعو للتخلف والرجعية، والاهتمام أكثر بالدراسات العلمية وتربية الأجيال الجديدة على احترام قيمة العلم والعلماء، وذلك يحتاج الكثير والكثير كما ذكرت، بداية من تغيير المناهج التعليمية والتطوير التكنولوجى للمدارس نهاية بالمعلم الذى يحتاج لكثير من التدريب والتطوير، لأننا كما نرى المخرج النهائى للتعليم "بشع" ، وذلك طبيعى لأنه انعكاس لصناعة، لذلك لابد من تشكيل لجنة متكاملة من مجموعة من الخبراء فى صناعة المناهج التعليمية لدراسة تجارب الدول المتطورة المتقدمة، لتطوير المناهج المصرية مع الاحتفاظ بالهوية والثقافة العربية الإسلامية، وإعادة تدريب وتطوير المعلمين والعمل على جعل المدارس حضانات للأفكار والإبداع .
البحث العلمى هو جهد أفكار بشرية لمجموعة من الأشخاص تمتلك الموهبة والقدرة على الابتكار وتقديم الاختراعات التى تغير البشرية، ولكن هل البحث العلمى والاختراعات مجرد صدفة أو شىء عشوائى؟ بالطبع لا، إنها نتيجة لعدد من المقدمات، ولننظر بنفسنا للدول المتقدمة وكيف صعدت فى سنوات قليلة من دول نامية أو متخلفة حتى أصبحت قوة عظمى، إنه البحث العلمى القادر على تطوير الأمم ووضعها فى مصاف الدول المتقدمة، وكما نعلم مصر بلا بحث علمى وما يوجد بها عبارة عن مجموعة من المراكز البحثية غير المتطورة وغير المجهزة، وبعضها لم يتم تحديثه منذ أربعين عامًا، وكأننا أمة تعيش فى العصور الجاهلية، والدولة بدورها هى العامل الأساسى فى ذلك، ولذلك لابد فى الفترة المقبلة الاهتمام بالبحث العلمى بشكل واضح، ولا يتم إصدار قرار أو قانون إلا بعد تقارير المتخصصين، والعمل على تحديث المراكز البحثية بأحدث المعدات، وعودة البعثات للخارج بشكل كبير مع التركيز على الأبحاث العلمية والتكنولوجية، لأن مصر فى حاجة ماسة للعلم حتى تخرج من أزمتها الواضحة، ولكن الجميع سيتساءلون ويقولون التمويل هو سر تراجع عالم البحوث فى مصر، وهذا مردود عليه لأن حكوماتنا فى السنوات الماضية هى التى قررت ذلك، ولم تعمل على تشجيع الاستثمار فى البشر من خلال شراكات بين القطاع الخاص والمراكز البحثية، وعقد بروتوكولات تعاون بين الجهات الحكومية والمراكز البحثية، وتشجيع الأبحاث الشابة وتطبيقها على أرض الواقع، وكما ذكرت نهضة الأوطان مرتبطة بالعلم فهو المعيار الحقيقى للتخلف أو التقدم .
إن الاستثمار فى البشر مرهون بسياسات الدول التى تريد النهضة والازدهار، لأنه المدخل الحقيقى لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال الاهتمام بصناعة البشر وتنميتهم، ووضعهم على الطريق الصحيح للإبداع والنجاح، فمصر بحاجة ماسة وملحة لنهضة هذا القطاع، بتطوير التعليم والبحث العلمى وإعادة النظر فى التعليم الفنى وربطه بعالم الصناعة والاستثمار، والعمل على الاستفادة من عقول مصر المهاجرة، ونشر حضانات المشاريع الصغيرة فى كل ربوع مصر، حتى نستطيع الاستفادة من الطاقات البشرية المهدرة، ووضع الدولة والمواطن المصرى على طريق التنمية الحقيقى.
dreemstars@gmail.com