رئيس التحرير
عصام كامل

مصر والشرق الأوسط الجديد


هل حقًا شكل الإعلان الأمريكى عن قرب ولادة الشرق الأوسط الجديد مفاجأة لبعض الساسة العرب وكأن مشاريع التقسيم الغربى للمنطقة هبطت علينا فجأة من السماء دون سابق إنذار، رغم أن أغلبهم كان وربما ما زال منخرطًا في حروب انتحار وتفتيت وقودها وحطبها الناس والحجارة وما تبقى من كيان أمة أضحت أشلاءً وشظايا.


لماذا إذا يتحدث الناس بخوف وهلع عن مشاريع تقسيم آتية ويتجاهلون أنهم جزء لا يتجزأ من مشاريع حروب ماضية والمعنى أنه يتعين علينا أن نكتفى بما لدينا من قديم البلاء وليس الشكوى من الجديد الذي هو ليس بجديد!!

في العراق العربى ذلك البلد العريق الذي زرته مؤخرًا وتحدثت مع كثير من مثقفيه وعلمائه الذين تخرج بعضهم في جامعات مصر ويهيمون حبًا فيها ويتعلقون بثقافتها وفنونها يمكنك أن تلاحظ بسهولة أنهم يشكون من برودة العلاقات وتأخر التأشيرات، رغم الإمكانات الهائلة التي يتمتع بها هذا البلد الشقيق العزيز، والتي يمكن أن يسهم تطوير العلاقات معه في تخفيف أزمات مصر الاقتصادية، في حين ما زال البعض يفكر ويتصرف على قديمه مركزًا على (التباينات الثقافية)، متجاهلًا ذلك الكم الضخم من التواصل الثقافى والروحى الذي يمكن أن يبنى عليه من أجل تأسيس تعاون فعال يمكن أن يخدم البلدين في كل المجالات.

مما يؤسف له أن بعض الاعتبارات القديمة والبالية ما زالت تتحكم في هذا الملف وتحول دون بلوغ العلاقات بين البلدين الحضاريين الكبيرين وأن البعض ما زال يحن شوقًا إلى العهد الصدامى وإلى تلك الطريقة وذلك الإسلوب الذي صاغ العلاقة بين البلدين في هذا العصر المأساوي.

إنه تقسيم الأمة واستمراء نهج يقوم على اعتبار أن الصراع وليس الحوار هو الشأن الطبيعى بين أبناء الأمة الواحدة بدلًا من إدراك أن هذا الصراع ليس فيه منتصرون أو فائزون بل الكل خاسرون.

صحيح أنه ليس هناك صراع أو اشتباك في الوقت الراهن لكن الصحيح أيضًا أن حالة الشك والارتياب لم تزل بصورة نهائية وأن هناك كثيرًا من الجدر والحواجز التي يتعين علينا إسقاطها بدلًا من البكاء على جدران التقسيم الجديدة التي تهددنا به أمريكا.

صناعة التقسيم والانقسام ليست أمريكية خالصة بل هي صناعة عربية يتعين علينا التوقف عن إنتاجها وإزالة ما بقى منها ولو كان هذا رويدا رويدا.
الجريدة الرسمية