عن اختيار الوزراء في مصر!
في حين يصرخ الناس بالشكوى يفتشون ويبحثون عن العدل الاجتماعي المفقود والمفتقد ثم تجد رئيس الحكومة المكلف يختار إمبراطورا للتعليم الخاص وزيرا للتعلم العالي! فلا نعرف كيف سيصلح التعليم العالي بمختلف أعبائه رجل بنى نجاحه الشخصي على إثبات فشل التعليم الحكومي وهو تعليم لغير القادرين وغالبية شعب مصر من غير القادرين..فإننا من المؤكد أمام خطأ كبير جدا!
وعندما يختار رئيس الحكومة المكلف وزيرة للقوى العامله يتردد أنها طالبت عمالا مضربين قبل الآن بأنه ليس عليهم إلا ضرب رءوسهم في الحائط وأن يفعلوا ما بدا لهم..في وقت تعج المصانع وشركات القطاع العام بالاعتصامات والإضرابات.. وعندما يختار رئيس الحكومة المكلف أصحاب شركات رأسمالية عملاقة وزراء في حكومة جاءت لتنجز وعودا لشعب ثار مرتين ضد زواج المال بالسياسة.. وعندما تتناثر الأنباء حول وخلف رئيس الحكومة المكلف بأنه التقى أكثر من شخصية مهمة ليكون أحدهم وزيرا لوزارة اختار هو بالفعل وزيرها ولم يعلن الوزير المرشح أنه يرفض العرض..فإننا قطعا نكون أمام تهريج لا مثيل له.. فليس هكذا نختار الوزراء..إذ إن اختيار السياسات ووضع المستهدف من وزاراتهم وترتيب الأولويات يسبق دائما اختيارهم..بل وتكون القدرة على الالتزام بكل ما سبق مبررا لترشيح فلان أو استبعاد علان !!
جمال عبد الناصر اختار عزيز صدقي وهو في الثلاثينات من عمره لأنه يحمل دكتوراه في تخطيط التصنيع في وقت كان يريد عبد الناصر الانطلاق في التصنيع..واختار على صبري رئيسا للوزراء في وقت يريد تطوير العلاقات مع الاتحاد السوفيتي واختار زكريا محيي الدين رئيسا للوزراء في ظل اكتشاف مؤامرات على مصر تعرضها للخطر وهو من اشتهر بالحسم الأمني..
بينما سار السادات على الطريقه ذاتها فاختار - مثلا - عزيز صدقي نفسه رئيسا للوزراء في ظل الاحتياج لاعداد القطاع العام لمعركة أكتوبر واختار ممدوح سالم وزير الداخلية رئيسا للوزراء في ظل احتياج مصر للأمن بعد اضطرابات واحتجاجات عنيفة شهدتها البلاد واختار مصطفى خليل رئيسا للوزراء في ظل اتجاه نحو السلام والتطبيع مع إسرائيل ووعود قدمها للمصريين بالرخاء!
إنما طريقة البحث في أرقام المحمول أو بطريقة " ما عندكش حد ينفع وزير" واختيار الوزراء هكذا دون أي رؤية ومن دون أي منطق تهريج في عز الجد ومزاح لا معنى له في ظل بلد على مفترق طرق وكلها أمور خطرة للغاية!!!