الإفتاء: الدعوات الفردية للقصاص تعدٍّ على الدولة ونشر للفوضى
أعلنت دار الإفتاء المصرية أنه لا يجوز للأفراد تطبيق القصاص أو الأخذ بالثأر بأنفسهم بعيدًا عن القانون ومؤسسات الدولة المعنية، وأن من يقوم بذلك فقد أجرم في حق الدولة والمجتمع ووقع في فعل محرم بإجماع العلماء.
وأكدت الدار في بيان لها اليوم الاثنين أن دعوات بعض الأفراد والجماعات للقصاص أو الأخذ بالثأر من أشخاص بعينهم، والتي رصدها مرصد دار الإفتاء لمواجهة التكفير، هو فعل محرم باتفاق أهل العلم، حيث رتب الشرع الشريف لولي الأمر، المتمثل في الدولة الحديثة في المؤسسات القانونية والتنفيذية، جملة من الاختصاصات والصلاحيات والتدابير؛ ليستطيع أن يقوم بما أنيط به من المهام الخطيرة والمسئوليات الجسيمة، وجعل كذلك تطاول غيره إلى سلبه شيئًا من هذه الاختصاصات والصلاحيات أو مزاحمته فيها من جملة المحظورات الشرعية التي يجب أن يُضرَب على يد صاحبها؛ حتى لا تشيع الفوضى، وكي يستقر النظام العام، ويتحقق الأمنُ المجتمعي المطلوب.
وعددت دار الإفتاء أقوال أهل العلم في ذلك، حيث قال الإمام ابن مفلح في كتابه الفروع "تحرم إقامة حَدٍّ إلا لإمام أو نائبه". وقال الإمام القرطبي في تفسيره "لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، فرض عليهم النهوض بالقصاص وغير ذلك؛ لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص، ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعًا أن يجتمعوا على القصاص، فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود".
وشددت الدار على أن تنفيذ العقوبات في العصر الحاضر في ظل دولة المؤسسات تناط بجهة محددة تسند إليها وهي ما تسمى بالسلطة المختصة، وهي المنوط بها تنفيذ من حكمت فيه السلطة القضائية؛ ولذلك فإن قيام آحاد الناس الآن بتطبيق العقوبات بأنفسهم على أشخاص بعينهم إنما هو عدوان على وظيفة الدولة وسلطاتها المختلفة وهو ما يقود المجتمع إلى الفوضى وإلى الخلل في نظامه العام، فضلا عن تشويه صورة الإسلام، والكر على مقصد الدعوة الإسلامية بالبطلان أمام العالمين.