رئيس التحرير
عصام كامل

الدولة والقوى الثورية والشباب


بعد عزل الرئيس السابق مرسي، وسقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين، في 3 يوليو الماضي، كانت هناك حالة من التوافق بين معظم التيارات والقوى السياسية والثورية في مصر، وكان من الطبيعي أن تحافظ الدولة على حالة التوافق هذه، لكن لأسباب غير مفهومة حرصت منذ اللحظة الأولى، على إنهائها، من خلال توسيع دائرة الصراع، ومعادة القوى الثورية، التي كانت تمثل أحد أهم أطراف تحالف 30 يونيو.


وللأسف فإن معاداة الدولة لمعسكر الثورة، لم يؤد فقط إلى خسارتها لدعم القوى الثورية لها، بل أدى أيضا إلى فقدانها لتأييد معظم فئة الشباب، وقد ظهر هذا وبصورة واضحة من خلال انضمام شباب كثيرين لمظاهرات الإخوان، على الرغم من اختلافهم السياسي والفكري معهم، وعزوفهم عن المشاركة في الاستفتاء، واحتجاج ورفض معظمهم لممارسات النظام الحالي.

فهؤلاء الشباب رأوا منذ اللحظة الأولى بعد 3 يوليو، معاداة صريحة من جانب الدولة لثورتهم -التي ضحوا بدمائهم وأرواحهم من أجلها- من خلال قمع واعتقال رموزها من ناحية، وصمتها على تشويه وتخوين وسائل الإعلام لكل من شارك فيها، وتحميلهم مسئولية الإخفاقات التي شهدتها مصر، على مدى الثلاثة أعوام الماضية، من ناحية أخرى.

كما رأى هؤلاء الشباب أيضا، منذ اللحظة الأولى بعد إعلان خارطة الطريق، معاداة الدولة بصورة عامة، والأجهزة الأمنية بصورة خاصة، لأهم هدفين نادت بهما الثورة، وهما الحرية والكرامة الإنسانية، وقد بدا هذا بصورة واضحة، من خلال الممارسات الأمنية القمعية الأخيرة، التي لم تقتصر فقط على أنصار جماعة الإخوان، بل امتدت لتشمل تيارات أخرى عديدة.

للأسف الشديد لم تستطع الدولة حتى هذه اللحظة فهم الشباب، ونظرتهم لهذه الممارسات الأمنية - والتي تختلف عن نظرة معظم فئات المجتمع لها- فالدولة لم تدرك حتى الآن أن هؤلاء الشباب الذين ثاروا من قبل على نظامي مبارك ومرسي، بسبب هذه الممارسات، لا يمكن أن يصمتوا على تكرارها مرة أخرى، حتى لو كانت من جانب نظام أيده، ووقف بجانبه في ثورته ضد نظام آخر، وحتى لو كانت أيضا موجهة لشباب يختلفون معهم فكريا وسياسيا.

وللأسف الشديد أيضا لم تتعلم الدولة من أخطاء من سبقوها، ولم تدرك حتى هذه اللحظة نتائج معاداة الرئيس المعزول مرسي للقوى الثورية، وتأثير ذلك على فقدانه لدعم وتأييد الشباب له، فلا أظن أن مرسي كان سيسقط لو كان قد قام منذ اللحظة الأولى له في الحكم باحتواء شباب الثورة، واتخاذهم ظهيرا له بدلا من الجماعات الإرهابية، فمؤسسات الدولة من إعلام وداخلية وقضاء كانت لا يمكن أن تنجح في إسقاط حكم المعزول بمفردها، بدون هؤلاء الشباب.
Nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية