مواطن بدرجة محام !
ثروت الخرباوى محام قدير، من حقه علينا أن نحترمه ونقدره ونذكر عطاءه ومواقفه، ونحن بصدد تنفيذ الاستحقاق الدستورى لانتخابات الرئاسة القادمة، فقد تقدم ليكون محاميا عن وطنه ومجتمعه في قضية الإخوان الذين سعوا لتدمير مصر، وواجه سيف الجماعة بقلمه المجرد حيث كان من طليعة الكتاب الذين كشفوا الدور الهدام وحقيقة الحركة التآمرية للإخوان، ولم يبالِ بتهديداتهم.
وعاش أشد اللحظات خطورة على حياته وأسرته من أجل كلمة الحق التي بسطها في كتابه الشهير (سر المعبد) الذي كشف عفونة البيت الإخوانى وحقيقته من الداخل، وظل يجاهد في قضيته بإصرار مع كل الوطنيين الشرفاء حتى صدر الحكم في ٣٠ يونيو.
والذي لا يعلمه أحد أن ثروت باحث دائما عن الحقيقة المجردة بغير استحياء، يقول الحق بلا خوف، ذلك المقام الذي جعله من أقدر الناس على نفسه، وأصبرهم على رياضة طبعه، وأشدهم جلدا على مواقف الشدة والصرامة، وتزداد قيمة هذا عندما نعلم أن ثروت لقي من شدائد الأيام ما تنوء به الجبال، ومع ذلك يظل الرجل قليل الاكتراث بما واجهه من قبل، دائم السخرية بما يواجهه من خطورة تهديد فلول الإخوان له، وهو من بعد ذلك يملك قلبا طيبا متسامحا مسالما خالصا يميل إلى الصفح أعرفه بيقين، ولا يتذكر إساءة ولا يفكر في تهديد أو انتقام.
لم أعرف أحدا نظيرا له في قوة ذاكرته وحفظه ومهارته في التعامل مع الناس، وهبه الله شخصية محببة للنفس، وعقلية مصحوبة بسرعة البديهة وعمق الفهم، وقلمه ينطق بالنكهة الأدبية الرفيعة، ونذكر حسه الصحفى المتميز الممزوج بالإسلوب المازنى الساخر الذي يُمْتِعُ قراءه على صفحات جريدة "ڤيتو"، وهو بعد ذلك متذوقٌ أصيلٌ للشعر ويطرب له ويحفظ ذخيرة ضخمة من أشعار القدماء والمحدثين، يتخذها قنابل جاهزة لتفجيرها في المواقف الساخرة التي يستدعيها الحال، وكان يمكنه أن يبدع شعرا رائعا فكل مواصفات وأحاسيس وإمكانات الشاعر القدير يمتلكها، لكنه للأسف لم يحفل بذلك، وأنكر على نفسه الشاعرية لسبب لا أعلمه، فهو الشاعر الذي لم يكتب بيتا بعد، ولعله اختص شعره لنفسه كى يرضيها بعد صولاته ضد الإخوانية وجولاته للوطنية!